ساكن الضريح بقلم مياده مامون

موقع أيام نيوز


واذا كان عايز يشكيلك او يكلمك بهدوء و العكس برضو يا شذى. انا مش بقولك كده عشان افهمك انه صح في رده لاء هو غلط و ازعلي منه براحتك لكن برضو خدي بالك منه و اتعاملي معاه بهدوء يا حبيبتي. فهمتك يا ماما انا هاعرف اتصرف معاه بطريقتي و اعوده على طبعي انا. طيلة الثلاثة ايام يحاول الاتصال بها لكنها فضلت عقابه بهذه الطريقة! الإبتعاد هو الحل الوحيد حتى تعرف مدى حبه لها و تقبله لهذا الخبر الذي سيربطهم ببعض للأبد. و اليوم قد عاد الطبيب إليهم بعد اسبوع عمل متواصل و قد حقق نجاح في هذا المؤتمر كما كان يتمنى. أوقف السيارة في ساحة البيت و ترجل منها متلهفا لرؤيتها و الاعتذار منها قبل أي أحد منهم. فتح الباب و ولج عليهم و هم جالسون بالداخل. و كانت والدته اول من رأته لتنتفض فارحة تهتف بأسمه. مالك ابني حمدلله على السلامه يا حبيبي... كانت عينيه تتلفت يمين و يسار عليها و اذا به يسأل عنها متلهفا. الله يسلمك يا ماما فين شذى لتصيح والدتها بضجر. بتسأل عليها ليه بعد ما زعلتها يا مالك. استدارت شقيقتها بريبة لتفهم معنى كلماتها. زعلها ازاي هو انت زعلتها يا مالك وانت مسافر. حاول كبت احتقانه و زمجرته ملقيا عليها السلام. الله يا سلمك يا ماجدة مش هي دي برضو حمد الله على السلامة اللي بتقوليها ليا. طب و عايزاني اقولهالك ازاي و انت مزعل بنتي. لتهتف والدتها صاخبة. ما تفهموني يا ولاد في ايه زعلتها امتى يا واد و ازاي تزعلها و هي في اول حملها كده. ليصيح هو فيهم. ممكن تقولولي مراتي فين و تبقو تقعدو تحكو مع بعض براحتكم. اردفت مجيدة و هي تجلس بجانب شقيقتها. اهي عندك فوق نايمة في اوضتكم اطلع يا اخويا شوف بقى هاتصالحها ازاي. تركهم يجلسون يتسامرون او كما يقال يقطعو في فروتهم و صعد سريعا للأعلي. فتح باب الغرفة المظلمة عنوة و دلف بداخلها. ترك حقيبته من يده شلح جاكته و حل كارفاته من حول عنقه و جلس بجانب تلك الذاهبه في ملكوت اخر لا تشعر بأي شئ فقط مستسلمة لهذا النعاس الذي بدي يلازمها من اول حملها. وسط نومها الهادئ شعرت بشئ يأرقها حيث ظلت تمسح على وجنتها هذا الشئ الذي يمشي عليها بنعومه خفيفه. فتحت عيناها سريعا منتفضة بقلق عندما ظل ذلك الشئ يقلقها لتتضح امامها الرؤيا كاملة أثر هذا الضوء الخاڤت القادم من المصباح الجانبي. و سريعا ما التفتت للجهه الاخري وهي تجهش بالبكاء حين رائته. ليجذبها هو رغما عنها على قدمه محتضنها بيد و باليد الاخري يقدم لها تلك الوردة التي كان يداعبها بها ليعبر

عن اسفه. انا اسف يا قلبي والله ما كنت اقصد ازعلك انا بس كنت مضغوط جدا من شغلي و الخبر جالي نجدة عشان يفرحني و ينتشلني من تعبي بس خاني التعبير ليكي يا حبيبتي. حاولت زجه و الابتعاد عنه والتملص من بين يده الا انه ابي و تمسك بها اكثر وبدئت تصرخ وسط شهقاتها. ابعد عني مالكش دعوه بيا مش عايزك تفرح و لا حتى تزعل. بدء يسيطر عليها بتقبيل وجنتها و امتصاص دموعها بشفاه. اشششش مكن تهدي عشان ماتتعبيش كل اللي انت عايزة تقوليه قوليه و انت في حضڼي ماتحوليش تبعدي عني عشان انت وحشاني اووووى. بالله كيف تقول لها والدتها ان تتعامل معه و كأن جزء من عقله يكمن بداخله تفكير طفل و هي عقلها بالكامل عقل طفله ذات الخمسة اعوام. اوعي بقى سيبني مش عايزة اوحشك و لا عايزاك تيجي جانبي  . يا سلام يا ختي ابعد عنك ايه حرام عليكي يا شيخة دانا كنت بعد الثواني من ساعة ما ركبت الطيارة لحد ما دخلت هنا بس عشان اشوف وشك الجميل ده   بدأت تلين و تلقى رأسها على صدره ټغرق قميصه بدموعها. لاءه اوعي سيبني انت ماحولتش تفرحني و انا اللي كنت مستعجله اقولك عشان اسمع كلامك الحلو ليا ماكنتش متوقعة ابدا منك انك تصدني بالكلام كده. ضمھا اكثر اليه بحنان و بدء يربت على ظهرها بكل رقه. و حياتك انت عندي دا احلى خبر سمعته في حياتي انت متخيله لما تقوليلي اني هبقي اب دي سهله عندي انا ساعتها ماكنتش مستوعب الخبر للحظة فكرت شذى بتقولي انها حامل معنى كده اني هبقي اب بس انت مادتنيش الفرصه اني اشرحلك شعوري يا شذي. دفنت وجهها بالكامل في طيات عنقه تحاول كتم شهقاتها و تلومه بدموعها. انا خلاص مابقتش مستحمله اي حاجه تزعلني من فضلك بقى كفايه حزن و ۏجع فيا. حقك عليا يا روحي والله ماكنت اقصد ازعلك بالعكس دانا نفسي اجبلك حته من السما اخبيكي فيها لحد ما تقومي ليا بالسلامة انت و البيبي. رائحة عطره التي تعشقها هي نفسها الان التي تشعرها بالدوار و تجعلها مشمئزه منه الي درجة الغثيان. بحركة انفعالية زجته وانتفضت مبتعدة من علي قدمه اذا بها تضع يدها على ثغرها لتجري الي الخارج قاصدة المرحاض بأقصى سرعة. غابت به بعض الدقائق و ترجلت منه لتجده يقف أمام الباب يظهر على وجه علامات القلق و التوتر و من خلفه والدته و والدتها. كاد ان يقترب منها و هو يهمس لها. سلامتك يا روحي بقيتي كويسة دلوقتي. لتدفعه بعيدا عنها مختبئه بين يدي خالتها و هي تصيح بأنزعاج. ابعد عني إياك تيجي نحيتي انا مش طايقة اشم ريحتك و لا ريحة البريفيوم بتاعك. صعق من هزاينها هذا تلك التي كانت تعشق عطره النفاذ الان لا تتحمل ان ټشتم رائحته. اراح ظهره على الجدار من خلفه ضاربا يده بالآخري منتظرا ان ينتهو الاخيرات من وصلة ضحكهم تلك لتردف والدته بضحك. ههههههههه احسن تصدق فرحانه فيك يا رب يا بت يا شذى تطلعي شهور الوحم كلها عليه. ضم حاجبيه منزعجا من كلام والدته واذا به يصرح. معنى كلامك بقى اني افضل بعيد عنها طول مدة التلات شهور الأولى مش كده طب ايه يا شذى تحبي اسافر تاني عشان ترتاحي مني. التفتت له بجديه و تكلمت بصيغة الامر. و هو انت لازم تسافر يعني ما ممكن تبطل تحط برفيوم او الأحسن انك تروح شغلك و تيجي تبات في بيتك. دانت مش طيقاني بجد بقى حاضر يا اميرة شذى انت تأمري بس ما انا ممكن ابطل احط برفيوم خالص و اخد شاور كمان اصلي بصراحة مش هاقدر ابعد عنك تاني و عايز اخدك لدكتورة عشان اتابعك واطمن عليكي. خبئت ابتسامتها في صدر خالتها لا تنكر ان كلامه اسعدها و اراحها لتضغط والدتها على راحة يدها. خلاص بقى يا شذى اهو هايعملك اللي انت عايزاه اهو انا بقول تسامحيه بقى
و تخليه يبات هنا. ليهتف مالك سريعا. لاء يا ماجدة احنا هنروح بيتنا صح يا شذى. هذه المرة تحدثت والدته پغضب. لاء يا عين... عايز تروح بيتك روح لوحدك شذى مش هاتخرج من هنا الا و هي رايحة تولد بأذن الله. رفض مالك هذا الحديث صائحا. كلام ايه دا بس يا أمي ممكن تسيبونا على حريتنا و ماتدخلوش في حياتنا. لترفض والدته حديثه پغضب. حياتك وحريتك انت حر فيهم يا عين... لكن حياة بنت اختي و حفيدي دول مسؤوليتي انا الكلام اللي قولته هو اللي هيمشي و لو عايز تروح روح لوحدك يا روح.... تعالي يا بت. اسندتها و صعدو أمام عينه و وقف هو يتابعهم متنهدا لتضع ماجدة يدها على كتفه تحثه ان تستند هي عليه ليجلسو سويا على الاريكة الخشبية. تعالى يا مالك اما نقعد انا و انت. ايه يا خالتي انت كمان عندك حاجة تقوليها لسه. اه طبعا عندي حاجات اقولها اولها انك اكيد مش هاتخد اجازة من شغلك تسع شهور و تقعد جنب شذى تاني حاجة انك مش هتعرف تاخد بالك منها و من أكلها و تغذيتها تالت حاجه بقى يا حبيبي انك مش هتقدر تستحمل هرمونات الحمل و ما ادراك ما هي. تأفف مالك نافيا لاء يا ستي هاستحمل كل اللي انت بتقولي عليه ده و بعدين ماتحسسينيش ان بنتك هي الست الوحيدة اللي حامل في العالم كله يعني ما بنات كتير زيها كده و قاعدين في بيتهم عادي. ماجدة محاولة افهامه. كل ده يا حبيبي مفهوم بس صدقني بيبقو تعبانين و مضغطوين و احنا ليه طلاما في ايدينا نريحها اول تلات شهور بس مانريحاهش مراتك حملها جايلها بالنوم يا مالك و بدئت في الغثيان كمان و شويه وهتبص تلاقيها بتدوخ افرض بقى حصلها كل ده و انت مش موجود من اللي هيلحقها. أراد مالك الا يركز في هذا الكلام حتى لا يرتعب عليها أكثر. انت بتقولي الكلام ده عشان تخوفيني بس و انا بصراحه بقى مش حابب تدخلك انت و امي في حياتنا كده يا ستي اعتبرونا قاعدين بعيد عنكم ولا تحبي اخدها و نرجع الشقة التانية بقى. لاء ابدا طبعا ماحبش يا مالك ويا سيدي ماتزعلش نفسك انا و امك مش هندخل في حاجة تاني بس مش انت كنت ناوي تقعد هنا التلات شهور الحرم اعتبر نفسك بقى لسه ماخلصتش البيت و قاعدين هنا. تنهد بقلة حيلة مستسلم لهذا الخيار الذي طرحته و وقف من مخضعه قاصدا باب المنزل بخطوه سريعه. لتضم هي حاجبيها بعدم فهم و تهتف له. انت سيبني بكلمك و رايح فين. الټفت إليها غاضبا و هتف. رايح اتخلص من ريحتي اللي مابقتش عاجبه بنتك عشان اعرف انام هنا و لا انتو عايزنها هي لوحدها و مش عايزني معاها كمان. ما زالت لا تفهم معنى كلماتها الغامضه هذه. تتخلص من ريحتك! يعني ايه يا واد انت. ليصيح فيها بوجوم. هاروح البيت اخد شاور يا ماجدة عندك مانع انت كمان من حاجة. انتفضت في جلستها مرتدة للخلف أثر صياحه. لاء يا مالك مع السلامة يا حبيبي. ترجل من المنزل صاڤعا الباب خلفه و وقف متنهدا مستغفرا ربه على ما تفعله به جنيته الصغيره. ليسدل هاتفه من جيب بنطاله ليتصل عليها منتظرا حتى تجيبه و إذا بها تجيب عليه اخيرا.
 

تم نسخ الرابط