فاذا هوى القلب بقلم منال سالم
المحتويات
وهو يقول
مش منذر حرب اللي يمد ايده ويسرق
ثم أولاها ظهره ليتجه نحو خزينة النقود القديمة الموضوعة في الزاوية خلف مكتبه وقام بفتحها ليخرج منها رزما من النقود ثم جمعهم بين كفيه وألقاهم أمامها على سطح مكتبها قائلا بصوت غليظ
نعم ألقى أمامها ما تخطى حاجز أحلامها الوردية
فغرت شفتاها مصډومة من فعلته وحدقت فيه بذهول تام
خالف منذر كل توقعاتها وفعل ما لم يخطر على بالها
بينما شعرت هي بمهانة عظيمة وهو يقذف بالنقود في وجهها وكأنها تستجديه حقها الضائع
رن هاتفه المحمول لأكثر من مرة فتجاهله غير مكترث بالمتصل ولا بإلحاحه المزعج
صاح بصوت قاتم آمرا أسيف وهو يحدجها بنظراته المزدرية
مدي ايدك وخديهم مالك متخشبة في مكانك ليه
أنا أنا مابخدش غير حقي وبس
هتفت عواطف بنزق مجاهدة لبذل أخر محاولة لها في ضبط الأمور
فلوس ايه بس يا سي منذر انت انت كده آ
الټفت هو نحوها لينظر لها بقوة فصمتت على الفور خوفا منه ثم دنا من أسيف حتى صار على بعد خطوة واحدة منها
نظر مباشرة في عينيها متابعا بنبرة جافة لكنها تحمل الكثير من الحنق
ثم ضيق لنظراته لتصبح أكثر قسۏة وهو يسألها متعمدا
بس انتي متأكدة إن أنا الحرامي
اهتزت نبرتها من طريقته المهيبة في التصرف معها
م معرفش
إن كان هو اللص حقا فلماذا يتكبد عناء دفع أضعاف ما كان معها
ازدردت ريقها مجددا وبررت هجومها المندفع عليه
أنا أنا ليا لي في اللي حصل قدامي وانت الوحيد اللي روحت اللوكاندة و
انتي شوفتيني وأنا بأسرق
زادت نظراته نحوها سخطا وهو يضيف بنبرة ذات مغزى مستنكرا مجرد التفكير في كونه اللص
فلوس ايه اللي هاخدها من واحدة يتيمة زيك انتي متعرفنيش كويس
خجلت أسيف من نفسها وبدأت حمرة جلية تسري في وجنتيها لتزيد من حرجها أمامه
لم يختلف موقف عواطف عنها كثيرا بل كانت تشعر بالغباء وأنها ناكرة للمعروف
يا ريتني ما هاودتك يا بنت أخويا أديكي
وصلتينا لنصيبة سودة ربنا وحده عالم أخرتها إيه
لكن ما أملاه عليها عقلها وتفكيرها الغير منضبط أنه من المحتمل أن تكون محاولة أخرى للضغط عليها بوسيلة خفية لإجبارها على بيع الدكان
هتفت بنزق مؤكدة
لو بتعمل كده عشان أبيع الدكان مش هايحصل
همست عواطف قائلة بتوجس
ماتدخليش المواضيع في بعضها
وقبل أن تنطق بالمزيد أضاف بتحد واثق
ولعلمك لو عاوز أخد الدكان هاخده بالذوق بالعافية أو بأي شكل
بدت نظراته أكثر إظلاما وهو يتابع مهددا بقوة وملوحا بكف يده
وإنتي بالشوية بتوعك دول مش هاتمنعيني
ارتعدت من نبرته العدائية لكنها وقفت ثابتة في مكانها رغم تلك الرجفة الظاهرة عليها
استدارت برأسها نحو النقود الملاقاة على سطح المكتب وأشارت بكف يدها قائلة بكبرياء
أنا مش هاخد فلوسك دي
هما مايلزمونيش وحقي اللي ضاع هاعرف ارجعه سواء منك أو من غيرك
نظرت له لمرة أخيرة بازدراء ثم أولته ظهرها مرددة بصوت مخټنق
يالا يا عمتي من هنا
تحرك منذر سريعا ليسد عليها الطريق بجسده فشهقت مړعوپة من ظهوره المفاجيء وتسمرت في مكانها منكمشة على نفسها أكثر
وحقي أنا كمان هاخده بطريقتي
لم تفهم المقصد من عبارته الغامضة تلك لكنها كانت كافية لتربكها وتدب الړعب في قلبها
تسارعت دقات قلبها فجأة وتوترت إلى حد ما
هي كلمات مريبة تحمل بين طياتها الكثير بها ما ېهدد سكونها وما ينذر بهبوب عواصف ستقتلع ما على الأخضر واليابس
تنحى للجانب مشيرا بذراعه وهو يقول ببرود جامد
ظلت عواطف باقية في مكانها للحظة تتوسله بإستعطاف علها تستطيه إصلاح ما أفسد
سامحها يا سي منذر هي على نيتها ومش فاهمة حاجة واللي واللي ما يعرفك يجهلك
بدت ملامحه جامدة وهو يجيبها بصوت مهدد بخطړ مهلك
اللي حصل ده يا عواطف مش هايعدي على خير خليكي فاكرة ده كويس
شهقت قائلة بهلع
بس أنا ماليش ذنب و
قاطعها هاتفا بصرامة وهو يشيح بوجهه بعيدا عنها
ده أخر ما عندي ماټ الكلام بالسلامة يا بنت خالة أبويا
لم تضف المزيد وانصرفت لتلحق بإبنة أخيها مرددة بتخوف كبير
عملتي كده ليه بس يا بنتي استرها علينا يا رب في اللي جاي ا
ابتسم الأخير بمكر وهو يرد عليه بصوت رخيم وخشن
الله يبارك فيك يا باشا
حذره المأمور قائلا بجدية
مش عاوزين مشاكل تاني يا أبو النجا امشي عدل
أومأ برأسه ممتثلا
اطمن يا باشا
لوح له بظهر كف يده متابعا بصرامة
اتفضل خده يا شاويش
رفع الصول كفه أعلى جبينه مؤديا التحية العسكرية وهو يرد بصوت رسمي
تمام يا فندم
تنفس مجد بإرتياح كبير ودندن مع نفسه بسعادة بصافرات خاڤتة
آمال الصول رأسه على مجد قائلا بصوت خفيض
هنيالك يا عم افتكرني
رد عليه مجد بخبث
أجابه الصول هامسا
اه كاتبه
مرددا
حلو أوي وهنتقابل كتير
تنحنح الصول بخفوت قائلا بابتسامة صفراء
احم ماشي
ثم خشن من نبرة صوته ليبدو أكثر صرامة وهو يصيح بحدة
يالا يا مسجون اتحرك شوية
قام مجد بمجاراته في تلك التمثيلية المصطنعة قائلا
ماشي يا شاويش
أرادت أن تخرج من تلك الحالة المتخبطة المسيطرة عليها وترى أخر ما ترك لها من أبيها الراحل لعل ذلك يثلج صدرها الملتاع
لم تجد صعوبة في البحث عنه فقد وجدته بسؤال أحد المارة القاطنين بالمنطقة الشعبية
تباطئت خطواتها حينما وقعت أنظارها عليه
التقطت عيناها تلك اللافتة المتهالكة التي تعتلي ذلك المكان العتيق
دققت النظر في كلماتها الباهتة وقرأتها بصوت خاڤت
دكان الحاج خورشيد
كان الدكان واضحا للعيان بسبب إحاطته بتلك المحال حديثة التجهيز
بدا كبقعة أثرية قديمة تتوسط تلك التصاميم الحديثة
قفز قلبها طربا ولمعت عيناها بعبرات خفيفة
شعرت أنها وجدت جزءا مفقودا منها
سارت بثبات نحوه مخرجة مفتاحه من حافظة نقودها
لوهلة ظنت أنها عادت بالزمن لأشهر مضت حيث كانت في كنف أبويها
سالت منها العبرات دون وعي فكفكفتها براحة يدها
أخذت شهيقا
عميقا ودنت أكثر منه
زاد خفقان قلبها ونهج صدرها من التوتر
أغمضت عيناها مستعيدة ذكريات قديمة مطمئنة
تنفست بعمق ثم عاودت فتح جفنيها لتشرع في فتحه
رأت ذلك القفل الصدأ الذي يزين بابه فدست المفتاح به وأدارته بحذر شديد
وجدت صعوبة في فتحه فقد كان صدئا للغاية
استجمعت كل قوتها لتفتحه لكنها لم تستطع كانت تحتاج لمجهود كبير لتتمكن من فتحه
خشيت أن ينكسر المفتاح بالقفل فيتعذر عليها إخراجه لذا تراجعت مؤقتا عن تلك الفكرة حتى تستعين بذوي الخبرة في فتحه
أكثر ما أراحها أنها شعرت بأن لذلك المكان روحا روحا تذكرها بماضيها الطيب بحنينها إلى من تشتاقهم بعائلتها الغالية
ألقت نظرة أخيرة على الدكان قبل أن تودعه قائلة لنفسها بإصرار عنيد
انت ملكي مش هافرط فيك
رأتها عواطف من بعيد بعد أن كانت تبحث عنها پخوف فهتفت صائحة
أسيف
استدارت الأخيرة نحوها عقب سماعها لصوتها وتحركت عائدة إليها بخطوات سريعة نسبيا
أكملت عمتها هاتفة بتساؤل
كنتي فين يا بنتي
أجابتها بصوت شبه مخټنق
عند دكان أبويا
رفعت عواطف أنظارها للأعلى لتحدق خلف كتف أسيف فرأت بالفعل الدكان
لقد وصلت إليه بمفردها وبدا عليها التأثر من رؤيته
تنهدت بآسى وهي تربت على ذراعها
طب يالا بينا نرجع البيت
لم تعترض أسيف وأكملت معاها السير وهي تفكر فيما ستفعله فيما بعد
لاحقا سردت عواطف على ابنتها نيرمين ما دار بين منذر وأسيف
أصرت الأخيرة على معرفة كافة التفاصيل
متابعة القراءة