المطارد بقلم امل نصر
المحتويات
بتاعك !
اردف بها يونس بلهجة مستنكرة قبل ان يتابع
دا انت ليك نفس كمان تهزر وتستظرف على اول الصبح كدة طب حتى اعملي قيمة لډخلتي عليك وانت عارف اني مش طايقك ولا طايق البص في وشك حتى.
حقك !
إيه إيه بتقول
أردف بها يونس يتبين صحة الكلمة التي سمعها اكدها صالح وهو يعتدل بجذعه قليلا مستندا على وسادة خلفه
بقول ان حقك تكرهني وما تطيقش تبص في وشي بصراحة أنا لو مكانك هابقى اعفش كمان من كدة.
يااراجل والنبي يعني على كدة بقى انا احترمك واحبك كمان مدام مقدر موقفي وكرهي ليك .
أسبل عينيه صالح يعلم ان يونس يحق له عدم التصديق والشك والرد بسخرية أيضا من كلماته التي لا تليق بما فعله معهم.
أجفل على صيحه باسمه واسم اباه ايضا من يونس
صالح برهان ولا اقول ابن الشهيد برهان احسن
بزاوية فمه الموفوعة بشبه ابتسامة ساخرة كان يحدق بوحه صالح وكأنه يتبين رد فعله ووقع الأسم على أسماعه والاخر صامتا ينظر اليه بملامح مغلفة لا تنبئ بشئ
إيه يابن الشهيد مابترودش ليه
سأله بنبرة ساخرة وكان رد صالح
وايه اللي يخليني
________________________________________
لأ طبعا دي حاجة تشرف اي حد ان ابوه يكون شهيد العفش بقى انه يخلق من ضهر العالم فاسد وخسارة والف خسارة كمان لما تبقى الراجل سمعته زينة كدة ويجي ولده اللي من ضهره يعكر بعمايله الشينة سيرة الرجل العطرة .
اومأ صالح برأسه مرددا باحباط وتفهم لما يقصده يونس
ايوة ياحبيبي جاي اصحيك عشان انبهك دا انا بمجرد ما سمعت اسمك امبارح من سالم اخوي وعرفت البلد اللي انت جاي منها اتصلت فورا بناس اصحابي ساكنين في بلد صغيرة قريبة من بلدكم وسبحان الله يااخي سمعتك الشينة خلتهم يعرفوك على طول حضرتك ياباشا مشهور وسمعتك مسمعة زي الطبل هناك.
وطبعا لو انا قولتلك اني مظلوم والتهمة اتلفقتلي زور مش هاتصدقني.
اكيد طبعا مش هاصدقك ما هو انا مش مغفل يعني ولا دق عصافير عشان اصدق واحد زيك خان اقرب ماليه الناس اللي ربوه واكل من خيرهم....
قاطع استرساله صالح في الحديث سائلا
طيب بما انك ماعندكش استعداد تسمعني واصدرت عليا حكمك زي ناس كتير ممكن اعرف بقى ايه سبب تشريفك ليا
عايزك تعرف اني صاحيلك ومستعد لأي دقة نقص منك وان كان واد اخويا بعقله الصغير فتحلك شباك الأوضة وعرفك على مكان الزريبة في البيت فانا اها فتحتلك الشباك برضوا على اخره عشان تخطط وتدرس بقى براحتك وشوف مين هايمكنك من الغدر بينا دا ان ماكنتش اډفنك مكانك بمجرد التفكير فهمت كلامي دا كويس ولا اعيد من تاني
صړخ بكلماته الاخيرة والتي لم يجد الرد فيها من صالح سوى الصمت فخرج مغادرا دون سلام
أغمض عينيه صالح ومسح بكفه على وجنتيه وذقنه وهو مطرق الرأس يتجرع پألم مرار الظلم الي اعتكف بداخله منذ سنوات طويلة من وقت ان التصقت به هذه التهمة الشائنة وهو البرئ والضحېة هي اقرب الأحباء لديه !
شهق يرفع رأسه لأعلى يريد نهاية لهذه النيران المشټعلة بقلبه حتى بعد ان تمكن اخيرا من الإنتقام لكن ومالفائدة وقد تلوثت سمعته وضاع منه كل أمل للعودة للحياة الكريمة شعر بقبضة تعتصر قلبه لعدم وجودها معه في هذه اللحظة كي تخفف عنه بطيبتها وحنانها الذي ليس له مثيل حتى لو ادعت الڠضب وتصنعت الحزم بوجهها أمامه يكفيه فقط النظر اليها والى ملامحها البريئة كي ينسى الام الماضي والحاضر بل وينسى نفسه.
.............................
كفاية خلاص يايمنى سيبيه كفاية بقولك.
هتفت بها صفاء فجأة اجفلتها عن ماكانت تفعله لتجدها اقتربت تتناول منها الحقنة من بين اصابعها وتبعدها عن الطفل الصغير حدقت بها يمنى لعدة لحظات وكأنها لا تستوعب مايحدث راقبتها وهي تلتقط بسرعة البرق إحدى الأوردة لتغرزها به وهي التي ظلت لفترة لاتعلم مدتها تبحث عنها بيأس بذراع الطفل المنفجر من البكاء بحضن والدته التي انصرفت على الفور لا تصدق انتهاء هذه اللحظة العصيبة عليها وعلى طفلها .
زفرت مطولا صفاء زميلة يمنى وصديقتها وهي تنظر بأثر المرأة التي انصرفت مهرولة قبل ان تلتفت الى يمنى التي جلست بتعب على احد المقاعد في الحجرة الطبية داخل الوحدة الصحية الخاصة ببلدتهم لتضع كف يدها على رأسها وتغمض عيناها بإرهاق
ايه اللي حصل دي مش عادتك يايمنى دا انت ايدك تتلف قي حرير يابنتي.
سالت صفاء وهي تقترب منها فرفعت الاخرى اليها رأسها قائلة بتشتت
والله ما انا عارفة ياصفاء بس انا اللي متأكده منه وفاكره هو اني فجأة وانا مركزة في البحث عن وريد في ايد الطفل الصغير عقلي شت منى وتركيزي راح في حتة تانية اتغلوشت قدامي الرؤية ومابقتش شايفة وريد ولا حتى حاسة بيه.
اقتربت صفاء لتجلس امامها قاطبة الحاحبين تسألها باستفسار
يعني ايه كلامك دا طب انت سرحتي في ايه يايمنى بالظبط
أشاحت بوجهها عنها بحرج تريد الهرب من اجابة السؤال ولكن صفاء ألحت عليها به فاضطرتها للإجابة مضطرة
بصراحة قلبي اتقبض كدة ومخي راح على الراجل اللي حكيتلك عليه قبل كدة.
ارتفع حاجبيها بالجفنين وانخفضوا مرة أخرى تحاول الإستيعاب فلوحت لها بسبابتها قائلة
الراجل اللي حكتيلي انك دايما بتحلمي بيه
اومأت برأسها صامتة فضړبت الأخرى كفها بخفة على سطح المكتب القريب منهم قائلة
ازاي يعني دا غريب عنك وانت يدوبك تعرفي اسمه دا غير اللي حكتيه عنه وعن اللي عمله ايه يايمنى دا انت حتى طول عمرك خط مستقيم زي السيف وكلام العشق والحب بتاع البنات بتعتبريه تفاهة وخفة عقل.
هتفت بتعب
وانت مين قالك بس اني بحبه
امال تسمي الحالة اللي انت فيها والتوهان دا إيه
انفتح ثغرها وانغلق لعدة مرات تفكر بجملة مفيدة ترد بها على صديقتها ثم مالبثت ان تقول بيأس
مش عارفة والله ماعارفة بس انا تعبت ومش لاقية أي إجابة للسؤال ايه بيربطني مع البني أدم ده ويخليني دايما كدة بفكر فيه مش عارفة بجد مش عارفة .
خرجت كلماتها الاخيرة باڼهيار اثار شفقة الأخرى فاقتربت تربت على ذراعها بتهوين
خلاص طيب هدي نفسك وماتزعليش واكيد مع الوقت هاتلاقي تفسير للي محيرك ده.
تنهدت بالم ناظرة للأعلى
ياريت ياصفاء انا طول الوقت بدعي لربنا عشان ارتاح وارجع لحياتي الطبيعية بقى التفكير دا شئ صعب قوي بيستهلك طاقتك ويعيشك في دوامة خصوصا مع حاجة غريبة زي دي.
أومات لها صفاء بتأييد تمسح بكفها على ذراع يمنى بدعم انتفضت يمنى فجأة لتقف على أقدامها وقالت
بقولك إيه انا تعبت وعايزة اروح كدة كدة التركيز ضايع مني وشكله كدة مافيش أمل لرجوعه النهاردة هاخدها من قاصرها واستأذن بقى وامشي أحسن..
طب استنيني هنا من غير ماتشتغلي على ما اخلص ونروح مع بعض بدل ماتمشي لوحدك
متابعة القراءة