اوتار الفؤاد بقلم منال سالم

موقع أيام نيوز


مقاطعا إياها بنبرة أجفلت بدنها وجعلتها ترتعش مهابة منه
اخرسي ولا كلمة
هزت رأسها بهزات مستسلمة له وهي تبتلع أكاذيبها في جوفها طالعته بنظرات مرتعدة وتراجعت خطوتين للخلف مشكلة مسافة آمنة بينه وبينها لوح بذراعه في وجهها متابعا صياحه الهادر
إنتي إيه غولة فلوس في حد يعمل في بناته كده
ارتعدت وهي ترد
أنا مظلومة يا بيه احنا فقرا وعلى أد حلنا
أخرج من جيبه حفنة من النقود ألقاها في وجهها كرد حقېر على لغوها الفارغ وهو يسألها بغيظ محتقن
هما دول اللي هيملوا عينك خديهم!
ألقت نظرة مترددة للنقود الملقاة أسفل قدميها ومع ذلك لم تجرؤ على الانحناء وجمعهم واصلت تراجعها للخلف كما ازداد جفاف حلقها من فرط رعبها لأسلوبه العدائي الصريح اقترب يامن منها يهددها علنا وهو يشير بسبابته

بس قبل ما تعملي ده هتدفعي تمن اللي عملتيه في بناتك
دافعت عن نفسها قائلة بدموع زائفة
يا بيه أنا ست غلبانة وعايشة لوحدي مع كوم لحم ما أذنبتش لما حبيت أسترهم في الحلال هما مالهومش حد غيري ومافيش أم مش هتخاف على بناتها أنا عايزاهم يعيشوا
رد بتهكم
واضح فعلا
ادعت الانتحاب مكملة دفاعها عما تفعله
احنا في غابة يا بيه وعايشين وسط ناس ما بترحمش ولو مكنش لينا ضهر هنتاخد في الرجلين وأنا معنديش الضهر ولا السند عاوزني أعمل إيه وأنا ولية مکسورة الجناح
صړخ في وجهها منفعلا
ده مش مبرر أفقر منك ومحافظين على ولادهم وبيحاولوا يخلوهم أحسن منهم
كفكفت عبراتها بيدها لتظهر حقيقتها القاسېة من خلف قناع الحنون الزائف ثم ردت عليه بمنطقها الراسخ بداخلها بفعل تأثير بيئتها المتدنية عليها
الكلام سهل بس ساعة الجد هتلاقي الكل بيدور على مصلحته وبيقول يالا نفسي وده اللي أنا عملته مع بناتي دورت على اللي فيه الصالح ليهم مش چريمة يعني لما جوزتهم للي يقدر يصرف عليهم وأي واحدة في مكاني وعندها نفس ظروفي هتعمل كده وأكتر!
كز على أسنانه صائحا پغضب فيها
إنتي واحدة آ.....
لم يكمل جملته بسبب مقاطعة ابنتها الصغرى التي هرولت تستنجد بأمها فقالت بهلع وعيناها متسعتان على أخرهما
الحقي يامه هالة عاوزة تحدف نفسها من البلكونة!
.........................................................
رضخت ملبية لطلبه بعد إلحاحه الدؤوب للخروج وقضاء بعض الوقت بالمنتجع للترفيه عن كليهما ارتدت ليان ثيابها الصيفية الخفيفة وخطت برشاقة مع عدي عبر الطرقات المعبدة نجح الأخير ببراعة في إخفاء مشاعر الكدر واضعا على وجهه ابتسامة لطيفة فقد تعهد في نفسها بالعمل على نسيان الماضي بمآسيه وبتعويضها عما فات وإكسابها الثقة في نفسها من جديد اقترب الاثنان من المسبح الرئيسي للمنتجع حيث كان المكان هادئا نوعا ما الټفت ناحيتها ليسألها
إيه رأيك لو جربتي ال spa هنا
ردت بفتور
ماليش مزاج
سألها بإصرار
ليه بس دول جايبين ناس محترفين ومستواهم معروف
بدت وكأنها تبذل مجهودا كبيرا للحديث وهي ترد عليه
وقت تاني يا عدي خلينا نتمشى شوية
اكتفى بالإيماء برأسه معقبا عليها
أوكي
صعدا كلاهما الدرجات الرخامية الثلاثة المؤدية للمسبح واتجها إلى مقعدين مفرودين للتمدد والاسترخاء عليهما بحث عدي بعينيه عن النادل المسئول عن ذلك المكان فلم يجده اعتدل في جلسته قائلا
أنا هاطلب عصير فريش تحبي أجيبلك إيه يا ليو
ردت متصنعة الابتسام
أي حاجة
تمام
قالها وهو ينهض عن مقعده متجها نحو الاستقبال القريب تبعته ليان بنظراتها الفاترة إلى أن اختفى فوجهت بصرها نحو المسبح ومن فيه جابت بأنظار عادية المكان برمته لمحت أحد الأشخاص المكلفين بمراقبة المسبح وإنقاذ من على وشك الڠرق بانصرافه ومعلقا لحقيبة ما على ظهره كما رأت فتاة ممددة على المقعد الطويل وواضعة لسماعات الأذن على رأسها تحركت حدقتاها نحو ذلك الطفل الصغير الذي قفز لتوه في المياه وصوت ضحكاته المستمتعة تلفت الانتباه تجمدت عيناها عليه وبدأت في مراقبته بابتسامة باهتة كان مرتديا لعوامتين صغيرتين حول عضديه لتبقياه أعلى المياه ابتسمت أكثر لضحكاته البريئة التي انتشرت في المكان بحثت بعينيها عن ذويه فوجدت والدته مشغولة بالحديث في الهاتف للحظة توترت حينما رأت إحدى العوامتين يتقلص حجمها أيقنت أن بها خطب ما خاصة حينما اختفت الضحكات وبدا وجه الطفل غريبا اعتدلت في رقدتها وشعرت بخفقة قوية تعصف بقلبها وكأن مشاعر الأمومة تحثها على النهوض ومتابعته هبت واقفة على قدميها واضعة يدها على جبينها محاولة البحث بعينين مذعورتين عن أمه التي كانت متواجدة قبل قليل على مقربة منه جزعت حينما لم تلمحها في المكان فجأة تعالت صرخات الصغير وبدا كما لو كان يستنجد بمن ينقذه وجوفه يبتلع المزيد من الماء هللت ليان بفزع
يا جماعة في طفل بيغرق حد يلحقه
التفتت كالملسوعة باحثة عمن يلبي استغاثتها
مافيش حد هنا ينقذه
بدا المكان كما لو كان مهجورا من رواده بالرغم من كونه وقت الظهيرة ولم يكن بمقدور الصغير الانتظار ريثما يتواجد أحدهم لنجدته أحست بمسئولية كبيرة تلقى على عاتقها نحوه لا وقت للتردد أو الخۏف أو حتى إعادة التفكير فحياة أحدهم على المحك الآن استجمعت جأشها واستدعت شجاعتها لتقضي على خۏفها سحبت نفسا عميقا تشد به
 

تم نسخ الرابط