مزيج العشق المر بقلم سامى المصري
المحتويات
بضحك وتصرخ
انا حامل يا يوسف انا حامل اخيرا هشيل ابنك جوايا
بدأت بالقفز كالأطفال فهرع اليها ممسكا كتفيها في قلق
اهدى بس اهدى انتى كنتى حامل يا حبيبتى بس بعد عرض الايروبكس ده الله اعلم
احتضنته بقوة وهى تردد
بحبك يا يوسف بحبك بحبك
انحنى ليحملها برفق وضعها على الفراش فى هدوء وقال متصنعا الجدية
يلا بقا نستعد للحبتين بتوع الافلام متتحركيش من مكانك خالص واللى انت عايزاه هيجيلك راحة تامة ثم راحة تامة
وحك جبهته بيده ليضيف
نسيت حاجة ولا كدة خلاص
اعتدلت وهي تخبره في حماس
حاول ان يتمالك نفسه من السعادة وهو على مائدة الغداء مع اسرته اخذ يعبث بمحتويات طبقه وينظر الى السلم كل لحظة فى انتظار حضورها ليعلنا للجميع نبأ قرب قدوم الحفيد الاول لعائلة البدرى الذي يتكون الان فى رحمها
لاحظت سميرة ارتباكه فنظرت الى محمود الذى كان بدوره يتابعه فى دهشة بينما زين على هدوئه المعتاد فى الفترة الاخيرة او بالأدق على حزنه التى كانت سميرة دوما تشعر به منذ ان تزوج سمر ولا تعرف ابدا سبب له فلم ترغمه على الزواج من سمر ولم يرغمه ابوه
لم يعد يشاركهم احاديثهم ولا لهوهم كالمعتاد كان يكتفى بابتسمات خاوية حزينة لينسحب بعدها من المكان بأسره الى وحدته التى آثر اللجوء اليها
اما ابوه فكان يعلم جيدا ما يعيشه ولده
يعلم ماعاناه على يديه ولم يتوقع ابدا ان يظل قابعا فى حزنه طيلة هذا الوقت
لم يظن ان مشاعره لصوفيا قد وصلت الى هذا الحد لم يصنفها سوى انها رغبة او نزوة ومع الوقت ربما يستجيب للامر الواقع ويسلم لقدره مع ابنة عمه
لم يتوقع ان يطول حزنه للدرجة التى تمنى فيها لو دفعه ليتزوج بصوفيا دفعا ان كان فى هذا سعادته ولكنه كان يبتعد ويبتعد حتى انه ترك العمل فى مجموعة البدري ليبدأ مشروعه الخاص
لم يستطع ابوه وقتها ان يعترض فلقد اعترض بما يكفى وبذلك اصبح ابناء البدرى كل منهم فى طريق فحسام قد اصبحت له شركته الخاصة التى تحقق نجاحات متتالية وزين بمصنعه الذى ينمو على يديه ويحقق ارباحا لابأس بها ويوسف وحده اصبح من يدير هذا الصرح الكبير رغم محاولاته الدائمة لاعادة زين انتبه الجميع على صوت ايلينا وهى تقول
السلام عليكم
رد الجميع تحيتها قبل ان تتخذ مجلسها الى جوار يوسف الذى نظر اليها فى حب فابتسمت له فى حزن لم يعرف له مبرر
لم يحتمل ان يخفى سعادته اكثر فامسك بشوكة وطرق بها على الطبق قائلا
الټفت له الجميع فى اهتمام فواصل بعد ان امسك بكف ايلينا وقبل باطنه
قريب اوى ان شاء الله هيشرف ولى العهد اول حفيد لعيلة البدرى
شهقت سميرة وهى تضع يدها على ثغرها في سعادة بينما رفع محمود نظره الى الاعلى وهو يتمتم بالشكر لله والأسرع كان زين الذى اندفع الى شقيقه محتضنا اياه في حنان
مبروك يا يوسف
ومال ناحية ايلينا
الف مبروك يا ايلينا ربنا يتمملك على خير
نظر يوسف الى امه مضيقا عينيه من علامات الصدمة التى لازالت تكسوها ليداعبها
ايه يا ست الكل مفيش مبروك
رفعت سميرة يديها من على ثغرها وحاولت النطق ولكن دموعها المنسابة منعتها فاقترب يوسف ليقبل كفها قائلا
ايه يا ست الكل نفرح نعيط نزعل نعيط
ضمته اليها وصوتها يتهدج من دموع السعادة التي تحجزها خلف جفنها بصعوبة
واخيرا يا يوسف هشوف عيالك
واطلقته من بين ذراعيها لتنظر الى ايلينا وتضيف
مبروك يا
ايلينا
بدت ايلينا شاردة تماما فناداها يوسف لتنتفض وترد مباركة سميرة
الله يبارك فيكى يا ماما
التفتت سميرة الى زين وقالت
عقبالك يا حبيبى
نظر زين الى سمر فى سخرية والى والده فى لوم قبل ان يعود الى والدته قائلا في روتينية واضحة
ان شاء الله يا ماما
اما يوسف فنظر الى ايلينا يسألها فى قلق
ايه مالك يا ايلينا وشك متغير ليه
مسحت وجهها بيديها وهي تقول
اصل كلمت صوفيا عشان ابلغها وافرحها بس وصمتت وهى تخفض رأسها فانطلق لسان زين دون تفكير كأنه تحدث بصوت قلبه وبلغته
مالها صوفيا يا ايلينا
الټفت له الجميع فى دهشة وخاصة سمر التى احمر وجهها بشدة وهى ترمقه فى غيظ اما ايلينا فلم تدهش لرد فعله فهى متأكدة من انه لازال يحمل فى قلبه لصوفيا كل الحب تنهدت فى حزن وهي تبسط كفيها أمامها
هيا كويسة بس والدتها توفت
تمتم الجميع فى حزن
لاحول ولا قوة الا بالله
التفتت ايلينا الى يوسف وهى تمسك بكفه راجية
انا لازم اسافرلها يا يوسف دى خالتى برضه ولازم اطمن على صوفيا
ردت سميرة بسرعة قبل أن يجيب يوسف
انتى بتقولى ايه بس يا بنتى سفر ايه وانتى لسة فى بداية الحمل
هز يوسف رأسه مؤكدا لكلام امه
سفر ايه مش هتستحملى
نظرت لهما فى تعب وأخبرتهما في لهجة حاسمة
انا هاخد بالى متخافوش مينفعش اسيب صوفيا لوحدها فى ظرف زى ده
تنحنح زين فى هذه اللحظة واستئذن فى الانصراف بينما عينا سمر تراقبه فى حنق نهض محمود ليتبعه بينما ظلت سميرة ويوسف يحاولان اقناع ايلينا بالعدول عن فكرة السفر حتى
قالت فى النهاية فى محاولة لارضاء جميع الاطراف
خلاص يا جماعة احنا هنروح للدكتورة النهاردة وزى ما هتقول هنعمل
اقتنع الجميع بهذا الرأى وبالفعل ذهبت ايلينا مع يوسف الى الطبيبة التى حينما اخبرتها ايلينا بحتمية سفرها وافقت ولكن بتعليمات مطولة وادوية كثيرة تشمل العديد من مثبتات الحمل
لم يقتنع يوسف بكل هذا وحاول من جديد اقناعها لتعدل عن السفر ولسوء حظه انه ارتبط بكثير من الاعمال التى لا يمكن تأجيلها ليرافقها كما ارتبط علي شقيقها بدوره بدراسته وتدريباته وبعد محاولات مضنية باءت بالفشل أمام اصرارها الواضح رضخ لها فى النهاية وتحدد موعد سفرها فى اليوم التالى
دلف الى غرفته ليتفاجىء بمحمود يتبعه نظر اليه بعدم اكتراث وبدأ فى خلع سترته قائلا
خير يا بابا
رد محمود وهو يقف فى مواجهته
لسة بتفكر فيها يا زين
توقف عن فك ازرار قميصه وابتسم ابتسامة قصيرة ليجيب ابيه بما لا يريح احدهما
وهتفرق معاك فى ايه ما دام اللى عاوزه حصل هيفرق معاك فى ايه اذا كان ابنك سعيد او حزين عايز تريح ضميرك واقولك ان المستحيل حصل وان ممكن خلاص اعتبر سمر مراتي واحبها ونعيش حياتنا وننسى اللى فات
اكمل وهو يهز رأسه ويضع يديه فى خصره
لا يا بابا للاسف مش هيحصل وهقولهالك تانى وتالت ومليون انا مبطلتش احبها اتوجعت فى السنين اللى فاتت دي ومت فى اليوم مليون مرة محاولتش ولا هحاول ولا هقدر من اصله اني انساها
رفع محمود رأسه اليه فى تساؤل واضح
طب وسمر
نظر زين الى الاعلى ليتنفس فى عمق للحظات
انا وضحت لحضرتك من اول يوم ان سمر مستحيل تكون زوجه ليا انا اتجوزتها بس عشان شرف العيلة وعشان حسام ميتكسرش من تانى لكن انا عمرى ما هكمل معاها مش هفضل مدفون بالحيا كتير
اقترب محمود خطوتين يسأله فى ترقب
قصدك انك خلاص هتطلقها
مرر زين يده فى شعره وتهكم بابتسامة صغيرة
هوا حضرتك كنت متوقع ان جوازى منها هيكمل انا بقيت عليها الفترة اللى فاتت عشان شكلنا قدام الناس وعشان اخد وقتى انا كمان واقدر استرد نفسى اللى انت دمرتها وافتكر اني خلاص قربت
تمعن محمود فى ولده الذى تغير كثيرا لقد حمله مالا يطاق فلابد ان تكون تلك هى النتيجة ولكن ابنة عمه ماذنبها في كل هذا
استأذن زين فى الدخول الى المرحاض وحمل منشفته وملابسه وحين هم محمود بالخروج اصطدم بسمر عند الباب وهى تهم بدخول الغرفة
نظر خلفه وامسك بذراعها ليخرجها بعيدا الى حيث يطمئن ان صوتهما لا يمكن ان يصل الى زين تماما قالت سمر فى ترقب
فى ايه يا عمو
نظر الى اليمين واليسار وهمس في حذر
حاولى تحافظى على جوزك يا سمر بلاش استسلامك اللى هيضيعو منك ده
واضاف وهو يقترب منها
هوا لسة معرفش
أخفضت رأسها وهزتها لتنفي بقوة
مش قادرة اقول كل ما أحاول لساني يتعقد
زفر في ضيق لايريد أن يتحدث بصراحة ولكنها تجبره بحماقتها تلك
عايزة تفهميني ان بقالكو سنين متجوزين ومش قادرة تأثري عليه خالص ليه متجوز واحد صاحبه هوا
احمر وجهها خجلا فلم يعبأ بها وهو يواصل في صرامة اسمعي يا سمر أنا عملت اللى عليا وجوزتهولك وانتي وقتها قلتي انك كفيلة بالباقي دى مسئوليتك انتى دلوقتي حافظى عليه لأني مش هقدر اجبره من تاني
واضاف وهو يميل مشيرا بسبابته
لازم يعرف الحقيقة يا سمر لو كنتى قدرتي تأثري عليه كان زمانه عرفها لوحده وتقبلها كمان لكن سكوتك ده هيخليكي تخسريه انا حذرتك وانتى حرة
تركها عمها وذهب
لقد حاولت وحاولت دون جدوى لم تكن دميمة ابدا بل كانت فاتنة بكل ما تحمله الكلمة من معنى جسدها ممشوق ومنحوت يضج انوثة واڠراء
حاولت استخدام كل ذلك دون جدوى
حاولت حتى ان تتقمص دور الغوانى معه فقط لاغوائه فلم يعرها اهتماما حتى جعلها تشك فى كونها انثى من الأساس
لم تحصل منه وهى فى قمة اغرائها الا على ابتسامة عابثة او نظرة ساخطة كأنه يخبرها ان سلعتها لا تلاقى استحسانه
كأنه يخبرها انه محصن بتعويذه عشق خاصة تعميه عن رؤية اى انثى سوى حوريته
يأوى الى نومه فى ملحق صغير بجناحه لم يجمعه بها فراش واحد طيلة الثلاث سنوات الماضية وليس فقط الفراش هو ما رفض ان يجمعهما فلم تجمعهما ابتسامة او حتى حوار قصير او اى مناسبة او ذكرى ماذا بامكانها ان تفعل
تعيد محاولاتها كل يوم ويعيد هو رفضه ولكن بعد ما اخبرها به عمها ليس لديها بديل سوى ان تخوض تجربتها معه هذه المرة بكل القوى المتاحة لديها فقد اصبحت معركة حياة او مۏت وربما استسلم هذه المرة
تنهدت ايتن فى تعب وهى تدلك رقبتها فى ارهاق وتنظر الى التاريخ فى هاتفها لترى كم تبقى على تلك المهلة السخيفة
تذكرت هذا اليوم حين وقفت بين زميلتييها بعد ان تخطت العديد من الاختبارات للعمل فى شركة حسام الذى نشر اعلانا يطلب فيه عمالة جديدة وارفق بالاعلان الشروط التى يريدها وبالفعل حينما علمت بهذا هرعت لتقدم اوراقها لتلحق بوظيفة لديه وتمنت ان يضعها بمنصب مدير مكتبه فقد علمت ان المنصب فارغ بعد استقالة مدير مكتبه لسفره
ثلاث سنوات مرت عليها غيرت فيها الكثير وضعت كل تركيزها في
متابعة القراءة