للعشق وجوه كثيره بقلم نورهان عشري
المحتويات
حاجه كدا
توترت هند من سؤال يامن ذلك الشاب في نهاية العقد الثاني من عمره وهو جارها في حيهم القديم قد استعانت به ليوفر لها مكان في بلدتهم في الصعيد لتأخذ عائلتها و تهرب من ذلك الشيطان الذي يسيطر عليها ويوجهها كيفما يشاء حتى وإن تركت قلبها معه فهو لا يستحق ان تضحي بأي شئ آخر لأجله يكفيها عڈابها و إحساسها بالذنب تجاه والدتها و أختها الصغيرة اللائي لا يستحقن ذلك الخزي الذي ألحقه بها فقررت الهرب إلى حيث لا يستطيع أن يجدها
عايزة اغير جو و ابعد عن هنا انت عارف المشاكل اللي بينا و بين أهل بابا الله يرحمه و مش حابه دا يأثر على صحة ماما فقررت امشي من غير ما اعرف حد
أجابها يامن الذي يبدو و كأنه اقتنع بحديثها
خلاص زي ما تحبي و أنا هكلمك الناس معارفي اللي هناك يدبرولك شغل و متقلقيش القرية هاديه و الناس هناك في حالها
كدا تمام اوي يا يامن انا مش عارفه اشكرك ازاي انا هجهز نفسي و انت اول ما تظبط الدنيا هناك كلمني و ياريت اسافر بالعربيه مش عايزة لا طيران ولا بالقطار
طب و ليه البهدله دي يا بنت الناس
معلش انا هبقي مرتاحه كدا اكتر
خلاص زي ما تحبي و متقلقيش في اسرع وقت هكون مظبطلك كل حاجه و هعرفك
ماتقوليش كدا احنا أهل
غادرت هند بعد ما أنهت مهمتها مع يامن الذي ما أن خرجت حتى قام بإجراء اتصال وعندما أجاب الطرف الآخر حتى تحدث باحترام
كل اللي حضرتك طلبته تم وهي دلوقتي مستنيه مني تليفون
كانت سميرة تغلي من شدة الڠضب فما حدث أمامها منذ بضعة دقائق لم يكن بالشئ الهين فتلك النيفين أصبحت حيه سامه و يجب التخلص منها في اقرب وقت فقامت بإجراء اتصال هاتفي ليجيبها الطرف الآخر الذي ما أن سمعت صوته حتى
انا مش هستني اكتر من كدا لازم تنفذ بسرعه و اخلص من نيفين
و ليه الاستعجال مش قولنا كل حاجه في وقتها احسن
مبقاش ينفع دي بقت خطړ عليا و هي مفكراني أمها امال لما تعرف الحقيقه هتعمل ايه !
ايه اللي حصل لدا كله
هكذا سألها ذلك المجهول لتقص عليه ما حدث حتي اڼفجر ضاحكا و قال بسخرية
صاحت مغلولة
انت بتضحك ! بقولك البت بقت خطړ عليا و بتبجح فيا و دا كل اللي قدرت تقوله
طب ما احنا لو اتخلصنا منها دلوقتي كدا كاميليا هتشبع بيوسف
أجابته بحنق
كاميليا كدا كدا شبعانه بيوسف و دي غبيه عمرها ما هتعرف تفرق بينهم حتى انا هشوفلها طريقه تانيه احړق قلبها بيها بنت زهرة
توترت سميرة قليلا ثم قالت بمراوغة
حاجه ! حاجه زي ايه يعني
يعني انت كل اللي عايزاه الفلوس و انك تفضلي عايشه في عز و خير عيله الحسيني و كدا كدا زهرة ماټت وشبعت مۏت و نيفين مش فارقة معاك مادام في غيابها هتضمني انك متخسريش اللي انت فيه ايه بقي اللي يخليك ھتموتي و ټحرقي قلب بنت زهرة كدا مانا مش هساعدك و انت مخبيه عني حاجه
تساقط الحقد والقهر من نبرتها حين قالت
فلوس الدنيا كلها متهمنيش قصاد اني احړق قلب بنت زهرة زهرة اللي خطفت
مني حب عمري و اللي فضلها عليا احمد بعد ما اديته كل حاجه ممكن تقدمها واحده ست لراجل و في الاخر رماني و اتجوزها هي
أوبااا دا باين انا فايتني حاجات كتير معرفهاش لا دانت تحكيلي بقى من الاول تاني
بعدين هحكيلك اهم حاجه دلوقتي تقولي هنعمل ايه عشان نخلص من نيفين
اجابها الطرف الآخر بشړ
عندي ليك سيناريو هايل ايه رأيك في بنت مراهقة بتعاني من إهمال أبوها ليها فتقوم يا حرام منتحرة بعد ما تسيب جواب يقطع القلب عن معاناتها هي و أمها مع ابوها الأناني اللي كان مهمل فيهم فيقوم الأب ينتهي بعقدة الذنب ناحيه بنته اللي ضيعها بأنانيته و تفضل الام المکسورة اللي خسړت بنتها واللي الكل هياخدها في حضنه و يطبطب عليها عشان اللي هي فيه و خصوصا لو راجل عجوز خرفان !
ارتسمت ابتسامة كريهة على شفتيها وهي تقول بشړ
تعجبني
وصل يوسف و كاميليا أخيرا الى عروس البحر الابيض المتوسط و هي مازالت نائمه بين جنبات صدره حتى أنه تمني لو أن الطريق يطول كثيرا حتى يستطيع التنعم بهذا الشعور الممتع و لكن هكذا هي الحياه دائما ما تنتهي اللحظات الجميله سريعا ليقوم بتمرير أصابعه فوق ملامحها يرسمها بدقه فكانت حركاته خفيفه كالريشه و لكنها تحمل بداخلها مشاعر عشق خالص يستوطن جميع خلاياه مما جعلها تتململ في نومتها إلى أن فتحت عينيها فناظرتها زرقه مياه البحر الصافيه المترقرقه في عينيه والتي امتزجت بذلك العسل الذائب في عينيها ليحدث تيار كهربائي غيب العقول لثوان و تولى العشق دفة القيادة حيث قام يوسف باحتواء كريزيتها بشغف وهو يتمزز بنبيذ الخمر الذائب في ريقها و اخذت امواج العشق تجرفهم حتى
غرق فيه بلا عودة و قد كانت هي الآخرى تشاطره الشعور فقامت يديها باحتواءه بلهفة يعانقها الخجل لتزيد من جنون مشاعر هو بالكاد يتحكم بها فأخذ يعمق اقترابهم أكثر و كأنه طفل يتمزز بقطعه حلوي رائعه هبطت من الجنه لتجعله يحلق في سماءها من فرط السعادة و لكن أجسادنا ليست كأرواحنا يهلكها العشق كثيرا فتصرخ طالبه الاستغاثة هذا هو حال رئتيهما التي أجبرت كلاهما علي الإنسحاب ليظلا يلهثا جراء هذة الرحله المفعمه بكل أنواع المشاعر الخارقه فظلا على حالهما لثوان و وربما دقائق لا يمكن حساب تلك اللحظات التي يختطفها عاشقان من وسط صخب الحياه ليظل الصمت قائم حتي يقطعه يوسف قائلا
نفسي اقدر اروي قلبي منك مهما قربت منك
مبشبعش أبدا دا سحر و لا ايه
كانت كاميليا ترتجف كورقة في مهب الريح ريح عشقه الجارف الذي يأخذها لجنه لم تكن تحلم بها يوما و تأتي تلك الكلمات التي جعلت كل خليه في جسدها تصرخ بعشق ذلك الرجل الذي تكاد تجزم أنه حلم من مدى روعته
تملكها خجل كبير عندما أخذت يداه طريقها تحت ذقنها ترفعه لتلتقي بعينيه التي تطوق قلبها باصفاد الهوى لتجده يقول بتلك البحه الرجوليه القاټلة
مردتيش عليا دا سحر و لا ايه
ابتلعت ريقها
بصعوبه غير قادرة على قطع التواصل البصري بينهم و قالت بنبرة خافته
انا اللي مسحورة بيك يا يوسف انت بجد انت حقيقي انا بخاف تكون حلم من كتر جماله صدقته و في النهاية
بتر جملتها بتصميم كبير نابع مع عينيه قبل لهجته
صدقيه يا كاميليا عشان هو اكتر حاجه حقيقه هتقابليها في حياتك
نفسي افضل جمبك كدا عمري كله
مش هسمحلك تبعدي اصلا
مش هقدر ابعد اصلا قلبي لما بيتخير بيني و بينك بيختارك انت
ابتسم يوسف بحب تناثر من بين حروفه حين قال
بعد ما نلاقي كارما و غرام أن شاء الله هنعمل فرحنا مش هقدر على بعدك اكتر من كدا
كلمة واحدة خرجت من بين شفتيها دون أن تفكر و لو ثانيه جعلت قلبه يتراقص فرحا
موافقة
و كأن الإجابة خرجت من قلبها لقلبه مباشرة ليشعر به يتراقص داخله فاحتواها بحب جعلها تلقي رأسها بين ضلوعه كحال همومها و قالت بلهجة حزينة
اوعدني انك ترجعلي كارما و غرام يا يوسف
أجابها بلهجته الواثقة التي دائما ما تبعث الراحة في نفسها
اوعدك أن شاء الله هلاقيهم و ارجعهم بيتهم بالسلامه
ما من شئ يسعد المرأة سوى أن تجد ذلك الكتف الذي تتكأ عليه في لحظات ضعفها فهذا يعطيها اقوي شعور في العالم و هو الأمان فمتي تواجد ذلك الشعور أعلن القلب استلامه و رفع رايته أمام طوفان العشق
نورهان العشري
بعد مرور ثلاث أيام كانوا جميعهم مجتمعين في بيت فاطمة التي قامت بزيارة هاشم الرفاعي بناء على طلب علي نظرا لسوء حالته و الذي كان هذا بالاتفاق مع جده مع قطعه آلاف الوعود بعدم مضايقتها و ذلك خوفا عليها من
معرفتها بتلك الکاړثة لتمر الثلاث أيام في البحث المضني من كل جانب فقد سخر يوسف جميع معارفه للبحث عنهم و أيضا مازن الذي كان للقلق نهش عقله فأصبح كالمچنون لا ينام و لا يتناول الطعام فقد ېصرخ و يصب جام غضبه حتى على علبة سجائره
للتنفيس عن غضبه و كاميليا التي قضت معظم أوقاتها بالبكاء و الصلاة و التضرع الي الله أن يحفظ بنات خالتها و كان يوسف بجانبها لم يتركها سوى أوقات البحث و ما بين علي الذي كان الذنب يأكله لاعتقاده أنه اهمل في حمايتهم و روفان التي كانت دائما بجانبه
و ما بين ذلك الذي كان كالتمثال الي نحت من حجر لا يتكلم و لا يبكي و لا يثور فقط صامت يبحث و يبحث و يبحث و لم ينطق لسانه سوى بالقليل و كأن شفاهه أعلنت اعتزال الحديث حدادا على غياب حبيبته حتى جفونه أبت الانغلاق و التسليم الى النوم و هو لا يدري شيئا عن مكانها فقد تسلطت جميع المشاعر الانسانيه المرهقه على قلبه حتى شعر بأن جميع القوى الخارقة على هذه الأرض قد اجتمعت علي أن تعاقبه جراء ما فعله بحقها فلم يكن يكفيه الم غيابها حتى زاد عليه ألم شعوره بالذنب و لم تخفي حالته على أخيه الذي توجه إليه عندما وجده يقف بالشرفة يتطلع أمامه بنظرات ضائعه ليبادر بالحديث قائلا
لما ربنا بيحب حد بيحب يبتليه عشان يشوفه هيصبر و لا لا هيلجأله و لا لا ربنا بيبقى مشتاق يسمع صوت عبده وهو بيدعيه و بيشكيله و لما بيرجع لربنا و بيصبر ربنا بيكافئه على صبره أهم حاجه الإنسان يستفيد من البلاء أو المحنه اللي هو فيها أنه يقرب
لربنا يا أدهم
انهى كلماته و ربت على كتفه ثم نظر إليه نظرة مشجعه و انصرف الى الداخل ليشعر أدهم بأن رئتيه سوف ټنفجر من شدة الإختناق و أن الهواء غير قادر على الوصول إليها فأخذ ينظر إلى السماء برجاء صامت و روح تبكي و قلب ېنزف حزنا على فراق الحبيب ليجد أقدامه تأخذه تلقائيا الى المرحاض و أخذ يتوضأ ثم ذهب الى غرفة حبيبته و أخذ ينظر إلى محتوياتها بقلب ېنزف من شدة الۏجع ليقوم بجلب سجادة الصلاة وفردها ثم شرع في أداء الصلاة و ما أن
متابعة القراءة