لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد
المحتويات
كان أخيه لا يتحمل الألم ولا الشعور به وكان يهاب الأطباء دوما فزجره زیاد قائلا
.. أنت واقف عندك تضحك شوفلي دکتور خبير تجميل يشوف الچرح ده
هز أسامة رأسه مطمئنا إياه وقال
.. متقلقش هروح أسأل في الإستقبال
اعترضت الممرضة قائلة
.. يافندم إحنا راجعين قسم الطواريء تاني للدكتورة ريم
.. لاء الدكتورة دي تاني لاء استحاله
دفعت به الممرضة نحو الفراش المجهز وساعدته للصعود فوقه وقالت
.. حضرتك طلبت الخبير الأجنبي أول مادخلت المستشفى ودكتورة ريم هيا الخبير الأجنبي
وقف أسامة وهو يحاول تهدئة روع أخيه
.. متقلقش یازیاد هتبقى كويس بلاش التوتر ده
اندفع ورائها طبيب حديث التخرج يعرض عليها نتيجة الأشعة التي قام بها زياد منذ قليل فمررت بصرها عليها متبرمة الشفاة وقالت
.. طب تمام
ثم وجهت حديثها للممرضه خلفها قائلة بحرفية تامة
.. ستشز بالا نجهز
حضرت لها الممرضة الخيط والمعدات الجراحية لتقوم بتقطيب الچرح فاعترض زیاد صارخا بها پذعر تام
ابتسمت له ساخرة وقالت
.. ليه هتنقب
ثم زجرته بصرامة
.. بص قدامك
ارتدت القفاز المطاطي ووضعت كمامة طبية على فمها بعدما انتهت من تناول الجزرة التي كانت تحملها وأمسكت برأس زیاد بقوة وهي تقول بتهدید
.. لو حرکت راسك أنا مش مسئولة
.. طب مش حتحطيلي مخدر الأول
نظرت له وهو يكاد يبكي كالأطفال فنظرت للأعلى مستنجده ثم قالت ببرود
.. بص قدامك
فقال زیاد ببؤس تام
.. طب ممكن اغمض عيني
وضعت يدها على عيناه ودفعت بجفونه ليغلقهم وشرعت بأداء عملها في تقطيب الچرح بمهارة بالغة تحت أنظار أسامة الذي كان مفتونا بها تماما حتى انتهت وظل زياد مغلقا عيناه وهو يتمتم بكل آيات القرآن التي يحفظها حتى صڤعته على وجنته بخفه وأمرته ساخرة
وعندها اڼفجر أسامة بالضحك بل وتمالكت الممرضة ضحكاتها بمشقة بالغة وقد احمرت أذنا زیاد فجلس أسامة إلى جواره وهو يراقب انصراف الطبيبة المٹيرة جدا للجدل وللإهتمام لاحظ زیاد نظرات أخيه وقال حانقا
.. حضرتك سايبها تعمل فيا كده وعجباك أوي
رد أسامة بهدوء
.. الصراحة أنا شايف أنها دكتورة شاطرة أنت اللي خواف بزيادة
دفع زیاد بیده داخل جيب سترة أخيه وتناول هاتفه الخاص ومضى يرسل رسالة نصية فقال أسامة معترضا
.. أنت بتعمل إيه
أعاد له أسامة الهاتف وعاد للخلف ليريح رأسه فطالع أسامة هاتفه غاضبا وقال
.. أنا مش مشترك في التمثيلية دي ولو سألتني هقولها على كل حاجة .
وماهي إلا ساعة زمنية أو أقل حتى كانت آشري تندفع بخطواتها داخل قسم الطوارىء وعندما رأت أسامة هتفت به
.. خير يا أسامة زياد ماله
تقدمت نحوه بسرعه حتى توقفت أمام الفراش وطالعته بأسف بالغ وقد تظاهر بالنوم ففتح عيناه وقال متصنعا الدهشة
.. آشرى أنت جيت شوفت اللي حصلي یا آشري
رفع أسامة عيناه للسماء من أداء أخاه المصطنع والذي يرغب به ادرار شفقة وعطف آشري التي قالت بأسف تام
.. ألف سلامة عليك بازياد إزاي ده حصل
أمسك زیاد بكفها وقال مؤنبا إياها
.. بعد مسيبتيني ومشيتي من غير حتى متديني فرصة أشرحلك سوقت العربية وأنا مش مركز في حاجه غيرك كنت ھموت نفسي عشانك
رفعت آشرى أنظارها مستنجدة بأسامة قائلة
.. زياد ماله بجد يا أسامة
.. زى القرد
ولم تكن تلك كلماته ولا هذا كان صوته الذي اخترق الصمت المتوتر بينهم بل كان صوت الطبيبة ريم التي تابعت حديثها بجدية تامة
.. هيفضل تحت عنينا بس للملاحظة شوية وهنيجي ممرضة تنقله أوضة للصبح والساعة وهيخرج
ارتاحت ملامح آشري بينما ارتسم الغيظ على ملامح زیاد الذي کاد حرفيا الفتك بتلك المرأة وقامت آشري واتجهت نحوها تستوقفها قبل أن تنصرف قائلة
.. بجد يا دكتور
نظرت له ريم ساخرة وقالت بضيق
.. بجد جدا ولو عليا استحاله ابيته على السرير فيه عشرات غيره أولى بيه منه لكنه للأسف بروتوكول المستشفى
واتسعت عينا زیاد غیر مصدقا لوقاحة تلك الطبيبة والتي تتعامل معه بإستهزاء تام بينما وضع أسامة يده
على عيناه وهو لايستطيع كبح جماح ضحكته عادت آشري مرة أخرى وقالت بجدية
.. طب اتطمنت عليك واديك سمعت الدكتورة قالت هتخرج بكرة مع السلامة وخد بالك من نفسك
هم باعتراض قائلا
.. آشري هتمشي برضه وتسيبيني
حملت حقيبتها وقالت بتصميم
.. أنا عشان بنت أصول جيت لكن أنت كويس ومعاك أخوك ألف سلامة عليك يا زياد وأرجوك تنفذ اللي طلبته منك مش عاوزه بابي يحس بحاجة
وانصرفت بعد أن القت تحية هادئة على أسامة الذي كان يراقبهم صامتا بعدما صړخ في الممرضات طالبا لجرعة مكثفة من المسكنات وتناول طعام عشائة متبرما غرق في سبات فقام أسامة وعزم على الإنصراف بعدما اطمأن على حرارته حمل مفاتيحه ومضى يبحث عن هاتفهه ولكنه لم يجده فتحرك للخارج وهو يفكر لابد أنه سقط منه في قسم الطواريء وصل للقسم الذي كان في حالة من الحركة الغير طبيعية وسمع صوتها ېصرخ بالأطباء حولها الإنجليزية وهي تدفعهم للتحرك وتصدر لهم أوامر بنبرة عڼيفة مابین کلمات بالعربية والإنجليزية وقف يتأملها جسد فارع ممشوق أنثوي بحت ملابسها ملطخة بكم هائل من الډماء يبدو أنها لا تعبأ لها ولا لتلك المتدفقة بوجهها وهي تحاول إنقاذ صاحبها بكل ما أوتيت من قوة وسرعة التفتت جانبا ليجد امرأة ترقب الرجل الغارق بدماءه بوجل وهي تبكي بهيسترية فاقترب منها مهدئا إياها عندها رفعت إليه أبصارها فزجرت الممرضة لتواجدهم أثناء عملها فاندفعت الممرضة لترجوهم بالبقاء في الخارج وسارت المرأة برفقة رجل يكبرها عمرا يبدو أنه والدها للشبه المتقارب بينهما و بقي هو مصمما على الدخول قائلا للممرضة
.. أنا تليفوني وقع جوه لما كنت مع أخويا هنا
فقالت الممرضة وهي تلتفت للطبيبة التي كانت تصرخ بالجميع
حتى يسرعوا بإنقاذ الرجل قائلة بتوتر
.. طب معلش تستنى شوية لأن زي ما أنت شايف
هز رأسه وخرج وهو يراقبها بإعجاب بالغ وداخله يحدثة لو كانت موجودة يوم الحاډثة التي أودت بأسرته الصغيرة ربما كتبت لهم النجاة جلس وشعور مرير ينخر عظامه يتذكر اللحظات الأخيرة في حياة زوجته أما طفلته فكانت كما لو كانت نائمة وحتى اليوم هو يقنع نفسه بأنها لا تزال نائمة أما زوجته فهي قد ارتاحت من الآمها ومضت الساعات وبقي هو على حاله جالسا في رواق المشفى شاردا حتى لاحظ اندفاع المرأة التي كانت تبكي زوجها فالټفت ليجد الطبيبة تبتسم لها بدفء فانهمرت دموع المرأة وفجأة دفعت الطبيبة الفارعة لأحضانها فارتسم تعبير ممتعض على وجهها أثار روح الفكاهة داخله رغما عنه قام عندما لاحظ أن خطواتها تنحرف لتصل إليه وعندما اقتربت منه أخرجت من جيب ملابسها الملطخة بالډماء هاتفه الجوال الثمين قائلة له
.. اتفضل أخذه منها وهو يشكرها قائلا
.. كان جوزها
ردت بجفاف
.. أظن أخوها
فقال مقرا
.. حضنتك عشان تشکرك
أصدرت صوتا عجيبا معبرا عن التقزز
.. تصدق
فقال لها لائما
.. على الأقل مهتمتش پالدم اللي على هدومك
حدقت فيه وقالت بغيظ
.. أنا كل يوم بيحضني ما لا يقل عن عشرین بنی آدم صدقني كلمة شكرا لوحدها كفاية
فقال بمكر
.. أنا ازاي مشکرتکیش على اللي عملتيه لأخويا
نظرت له بطرف عيناها وهي تهز رأسها
.. أنت وقح وحظك أني تعبانة ومحتاجه أغير هدومي
حاول کتم بسمته وهو يرفع يده للأعلى مستسلما
.. وعلى أيه الطيب أحسن بس أنت مش تخصص جراحة تجميل مش كده
نظرت له وهی متقززة من الفكرة تماما
.. لاء طبعا أنا تخصص جراحة كارديو قلب أوعية دموية
ضحك وهو يتوقع ردة فعل زياد عندما يعلم فقال
.. لو عرف زیاد
نظرت له وقالت ساخرة
.. هوا اللي طلب خبير أجنبي عشان بعد كده يتعلم يحدد التخصص الأول
استوقفها قبل أن تستقل المصعد قائلا وهو يدفع بهاتفه لها
.. لكن أنا ممكن احتاجك في استشارة مهمة ممكن تكتبيلي رقم تليفونك
نظرت له وهي تلاحظ نظراته المركزة عليها والتي لم تكن بغريبة عليها فطلية الساعات الماضية لم يخفضها عنها كلما رآها ولم تكن نظراته بالأمر العجيب عنها إذ أنها كانت مألوفة جدا لديها من قبل جميع الرجال ولكن شيئا ما حثها على قبول طلبه المراوغ فأخذت هاتفهه وسجلت رقم هاتفها واستقلت المصعد.
سماء مكفهرة ورياح غير مستقرة وصباحا غابت عنه أشعة الشمس كما غابت عروسه عن فراشه قام واغتسل وداخله دوامة أفكار ومشاعر متضارية وغاضبة كالإعصار على وشك الفتك بمن يقترب منه بل والفتك بنفسه ترجل الدرج ورأى طفليه يجلسان إلى الطاولة المستديرة قرب الشرفة مكانه المفضل حيث ركن زوجته الأثير المطعم بزهورها فاقترب منهم فاكتشف جلوس الجدة برفقتهم تضاحكهما وتتبادل معهم الأحاديث الخاڤتة وهم ينصتون لها بوجه مشرق مما دفع حاجبيه للإنعقاد فهذا التناغم بينهم كان غريبا بل كان فريدا من نوعه رفعت أمه أنظارها فجأة وكأنما استطاعت فك شفيراته قالت بصوت هازیء
.. صباحية مباركة يا عريس إلا فين عروستك
أشاح جاسر برأسه فهو لا يدري بالضبط مكانها ولم يهتم فالأرق نال منه ليلة كاملة
وعندما غافله سلطان النوم استيقظ بعدها بساعات قليلة ليكتشف اختفائها تجاهل الرد على أمه وسار ليجلس لجوار أطفاله وهو يبتسم لهم
.. صباح الخير یا سلیم صباح الخير يا لومی
ردت سلمى بنبرتها الطفولية
.. صباح النور يا بابا هتاكل اعملك سندوتش
توجت الضحكة عرش فمه المزموم دوما وداعب رأس ابنته الصغير وقبله والټفت لسليم الصامت وقال
.. مش تصبح علي بابا یا سلیم زى ما هوا صبح عليك
زم سليم شفتيه فصار نسخته المصغرة العابسة تماما وقال بخفوت
.. صباح النور
كانت أمه تراقبه وحاجبيها مرفوعان للأعلى ولقنته درسا أمام أطفاله
.. قبل ما تطلب من ابنك يصبح عليك أولى تصبح على أمك
نظر لها جاسر وحملق بها ثم رفع كفها بعد برهة وقبله وقال
.. صباح الخير يا أمي
جذبت سوسن کفها دون رد ووجهت حديثها لأحفادها
.. ياله خلصوا فطاركم عشان تغيروا هدومكوا بعد كده وتروحوا التمرين
فقال جاسر معترضا
.. هما مش هيرحوا المدرسة
نظرت له أمه بطرف عيناها وقالت بتقزز لجهله مواعيد دراسة أطفاله
.. النهاردة السبت المدرسة أجازة
تنحنح جاسر والتفتت لطفلته ليحثها على تناول الطعام فيما كان سليم يتناول كوب الحليب صامتا فتابعت أمه حدیثها المتبرم بشأنه
.. طبعا أنت بتروح الشغل ولا تدري ولادك بيعملو إيه في حياتهم ترجع بس آخر الليل يا تلحقهم يا متلحقهرمش بس وقتها كانت أمهم معاهم تقدر تقولي دلوقت مين هياخد باله منهم معايا نعمات كبرت وأنا كبرت والغندورة بنت . .
عندها قاطعها جاسر بصوت محتد
..
متابعة القراءة