لعبه بلا نهايه بقلم يسرا مسعد

موقع أيام نيوز

إذ أدركا أن ذلك قد يكون سبب غياب أخيهما المفاجيء وعندها قال أسامة بإدراك
.. يمكن يكون ده السبب فعلا والصراحة محدش يقدر يلومها ولكن بعكس ملامح أسامة المستسلمة 
لمعت عينا زياد وهو يقول بإصرار
.. لكن لازم ترجع 
هم زیاد بالرحيل وقال آمرا
.. خلي العقد معاك يا أسامة مش محتاجه دلوقت وتعالي المهم نروح لأخوك ونتطمن عليه 
ثلاثة أيام مرت ثلاثة أيام من الصمت المفعم بحرارة براكين الڠضب المتفجرة داخله وشعور حارق بالخېانة يقتات منه وعودة لذكريات مقيتة أقسم على ډفنها بأعمق الأعماق سهيلة فضلت رجلا آخر فتخلص منها ومن قيود زيجة منتهاة ولكن سالي هي لم ترتكب جرما فادحا بالمعنى الحرفي إذ أنها لم تعد زوجته ولكن كيف تفضل سواه
الفرحة التي استقبل بها الصغيران عمیهما كانت لا تقدر بثمن وساهمت بإخراجه من دوامة أفكاره الملتهبة مستعيدا بريق عيناه الذي خمد قليلا وبمظهره الۏحشي بذقنه الخشنة وعيناه التي ضاقت عندما لمح نظرة أخيه الأصغر متشبثة بكل حركاته ولفتاته تقدم منه ودفعه لأحضانه بود استقبله زیاد بسرور قائلا
.. قلقنا عليك أنا وأسامة 
دعاه جاسر للجلوس قائلا بمكر
.. أنت ممكن لكن أكيد الباشا التاني ولا كان حاسس بحد 
وضع أسامة سلمى المتشبثة بعنقه والټفت لأخيه الساخر وقال
.. قال يعني تفرق معاك 
هز جاسر رأسه نافيا
.. لاء تفرق يا أسامةلمتنا أهم حاجة عندي 
كان سليم يتابع حديث الكبار بأعين متسعة يحاول إدراك ما يجري حوله بسنوات عمره القليلة فجذبه زیاد بقوة وتعلق به وقال
.. أبوك ماله یا سليم أحكلنا أنت بقا 
نظر سليم لأبيه الذي سارع بإشعال تبغه بأنامل متوترة قائلا بخشونة
.. خلي سليم بره یا زیاد 
اعترض سليم بجين العند المتوراث بعروق آل سليم
.. بس هوا سألني أنا 
نظر جاسر لصغيره نظرة تقدير بالغة وقال بإذعان
.. خلاص اتفضل يا سلیم جاوب 
نظر سليم لزياد وقال بحروف لا تمت لعالم طفل بعمره بصلة
.. أظن أنه بابا قاعد قدام حضرتك تقدر تسأله بنفسك 
اڼفجر الجميع ضاحكون حتى سلمى التي لم تكن تفقه الحديث الجاري من حولها فجذب زیاد رأس سلیم مشاكسا وقال
.. ابن الوز عوام خد أختك ورحوا طيب وسيبونا لوحدنا عشان أقدر أسأله براحتي 
وكأن سليم بحاجة لذلك الأمر منه مد يده صامتا لأخته التي تعلقت بذراعها وسحبها نحو الخارج تارکین عالم الكبار المشحون بالأفكار والأقوال التي تخفي ما داخل الصدور وحديث قاد دفته وتمرکز فقط حول العمل ولا شيء سواه متجاهلا نظرات أخويه الفضولية بشأنه حتى قاطعه زیاد قائلا بحسم
.. مهما تحاول تهرب یا جاسر بالشغل وكأن مافيش حاجة حصلت هيفضل واقع أنك أنت وولادك قاعدين هنا لوحدكم من غير أمهم 
وساد الصمت لفترة ليست بالهينة فلقد تعلم زیاد الصغير المواجهة وأساليب الطرق على الحديد وهو ساخن كما يقولون وتابع بإصرار
.. ولا أنا غلطان یا جاسر!
هز جاسر کتفیه یازدارء قائلا

بتكبره المتعمد
.. وده يفرق في إيه 
قام زیاد وقال
.. ماهو مافيش أهم من لمتنا یا جاسر يبقى من باب أولى لمتك أنت ومراتك وولادك 
تدخل أسامة ليلطف قليلا من الأجواء المشحونة بينهما وقال
.. جاسر أنا ممكن أكلمها وسالي طيبة وبتحبك 
قاطعه زیاد باعتراض قوي
.. لاء طبعا لا أنا ولا أنت هنتدخل هوا اللي لازم ينزل شوية من عليائه ويترجاها ترجعله هوا غلط فيها ولازم يصالحها ويحسسها بأهميتها عنده ولا سالي مش مهمة ياجاسر 
الټفت لجاسر الذي احمرت نواجذه غيظا إذ لم يعتاد أن يتقلد موقع الصغير الذي يتلقى الأوامر من أحد وتابع زیاد بنفس الإصرار
.. اعترف على الأقل بينك وبين نفسك أنك غلطت في حقها وأنها استحملت كتير منك وأنه من حقها تحس بغلاوتها عندك وعادت كلماتها تطرق رأسه وشعور بالذنب يطوقه نحوها 
اقترب زیاد منه هامسا
.. على الأقل عشان مصلحة الولاد 
هز أسامة رأسه موافقا وقال وهو يسحب زیاد نحو الخارج بواقعية الأمه مؤخرا 
.. كفاية كبر وتضيع وقت أكتر من كده یاجاسر بدال ما تصحى في يوم تلاقيها خلاص راحت لغيرك 
والألم الذي تجسد بناظريه تعاظم حتى شعر بأنفاسه تختنق وحال دون أن يودع أخويه وداعا لائقا فجلس في مكانه ولم يبرحه حتى بعد مرور ساعات على إنصرافهما وعاد مجددا لدوامة أفكاره فهو كان يظن أنها رفضت الاستمرار ورحلت ثأرا لكرامتها وعلى عكس کلام أخيه الذي يتهمه بالغرور وعدم استشعار قیمتها بحياته فهو ظل ينتظر هدوء تلك المشاعر السلبية من جهتها التي عصفت بحياتهما وتعود مرة أخرى لأحضانه وأحضان صغارهما كما اعتاد دوما منها ولكن أن يقتحم آخر رقعتهما الخاصة ويزيحه تماما وتفضل هي الاستمرار بحياتها معه هذا لم يكن بالحسبان أمازال ثأرها لكرامتها يتعاظم أم هي بالفعل نبذته وخانت عهدهما 
ولا سبيل لمعرفة الحقيقة سوى خطوة أخيرة يقوم بها فلا سبيل لإضاعة المزيد من الوقت كما قال أسامة هو لم يكن يوما رجلا بارعا في الصبر ولكنه كان دوما بارعا في الصيد وليس هناك أسهل من اصطياد إمرأة يعرف نقاط ضعفها وقوتها ويحفظ عن ظهر قلب عاداتها.
خرج في الصباح في ميعاده ليس لأنه متشوقا للعودة للعمل ولكنه كان متأكدا بأن نعمات ستقوم بواجبها على أكمل وجه وماهي إلا ساعتان من الزمن حتى رن هاتفه وكان المتصل حارس القصر الذي أخبره بتواجد الهانم في تلك اللحظات برفقة الصغار فترك الحديثة بالعمل تعيث فسادا في ملفات درية المنظمة بدقة ولم يهتم وعاد لقصره وهو يحمل خطته المتقنة كانت سالي في تلك اللحظات تجلس بانتظار العفو نعم هي مذنبة خطبت لآخر وستتزوج في غضون أشهر قليلة وماهي أيام بعد إعلانها لذلك الخبر المشؤوم حتى غابت عن صغارها وتركتهم قالت بأنفاس متهدجة وهي تنظر بتضرع لصغيرها سليم الذي کتف ذراعيه بحزم كأبيه تماما
.. یعني یا سليم يرضيك تسيبنا نخرج أنا وسلمى لوحدنا 
فرد سليم دون أن يمنحها حتى نظرة
.. وإيه الفرق ما أنت بقالك كتير مبتجيش وسيبتينا لوحدنا 
حاولت سالي التملص من ذنبها الذي لا يغتفر قائلة
.. ما أنا سيباكم مع بابا 
الټفت لها سليم
.. وأنا هفضل قاعد هنا مستني بابا ولو سلمى عاوزة تخرج معاكي براحتها 
اقتربت منه سالي وهي تربت على ذراعه
.. طب أنا اللي عاوزة أخرج معاك النهاردة 
هز سلیم رأسه بألمه الذي لا يطيقه صدره الصغير
.. عشان بكرة ولابعده تسيبني وتخرجي لوحدك ولا مع عمو کریم وأفضل أنا مستنيكي لحد ما تيجي 
اتسعت عينا سالي پذعر فائق فما يود الصغير قوله حقا أنه لن ينتظر منها نظرة عطف ولا شفقة ويفضل أن يتخلى هو عنها بمليء إرادته قبل أن تتركه مي فهزت رأسها نافية والدموع ټقتحم مقلتيها واحتضنته بقوة هو وأخته قائلة
.. أنا لا عمو کریم ولا غيره يقدروا يبعدوني عنكم فاهمين 
قاطع هو تلك اللحظات اتضمفعمة بالألم وهو يشعر بأنه يتحمل ذنب صغيريه بالكامل وليس سالي وحدها فقال
.. إيه رأيكم لو نخرج كلنا سوا 
ترك الصغار حضنها الدافيء والټفتا إلى أبيهما الذي ركع واستقبلهما بقبلات مفعمة بالحب ودفعهما نحو الأعلى مع أمر بالإسراع في تبديل ملابسهما وإلا تراجع عن قراره وما أن اختفا الصغيران حتى اتجه نحوها وهي الواقفة صامته وداخلها يعج بالأفكار السيئة نحو نيته المبيته وقليلا من الڠضب إذ أن ذلك هو أسلوبه للتعامل معها ولن يغيره فقال بلطف
.. الولاد محتاجين مننا أننا نتفاهم ياسالي ده حقهم علينا 
التفتت له بهجوم شرس
.. وأنا حاولت أتفاهم كتير معاك قبل كده یا جاسر أنت اللي. 
قاطعها مهدئا بإبتسامة رقيقة أذابت أوصالها
.. اهدي بس مالهاش لازمة العصبية دي كلها 
اختلجت دقات قلبها وتوترت شفتيها وهي تقول بعند
.. أنا هادية 
هز جاسر رأسه وقال
.. كويس جدا خلينا نتفق الولاد هيباتوا معاكي سبت وحد واتنين والتلات بعد الغدا هعدي

أخدهم من عندك يقعدوا معايا تلات واربع وخميس والجمعة تعدي تاخديهم مني في النادي 
اتسعت عينا سالي وهي لا تصدق عرضه الذي ألقاه على مسامعها بكل بساطة وقالت لتتأكد
.. یعني هتسيبهم معايا نص الأسبوع!
هز جاسر رأسه ولكن ضاقت عيناه وهو يؤكد لها
.. مع شرط 
كټفت سالي ذراعيها وقالت ساخرة
.. آه طبعا ما أنا قلت الموضوع لازم يكون فيه إن اتفضل أشرط یا جاسر 
تجاهل جاسر سخريتها وقال بهدوء
.. مش عاوز ولادي يكون ليهم أي علاقة باللي اسمه کریم لا يشوفهم ولا يخرج معاهم 
اتسعت عينا سالي قائلة برفض
.. ولما نتجوز إن شاء الله . . 
قاطعها مزمجرا
.. ولادي هيباتو معاكي في بيت جدهم یا سالي مش في بيت جوز أمهم 
هزت سالي رأسها وهي تقول بإدراك
.. يبقا الغرض من الإتفاق ده أني أفسخ خطوبتي ومتجوزش کریم ده اللي أنت عاوز توصله 
هز جاسر رأسه وقال نافيا وكأن أمر زواجها من آخر لا يعنيه
.. أنت حرة ياسالي دي حياتك وأنت حرة فيها وده اللي عندي واللي أقدر أقدمه اعقليها وشوفي هتتصرفي إزاي الولاد ليهم حق علينا ومن حقي أن ولادي ميباتوش في بيت راجل غريب ولا يكون ليه أي علاقة بيهم وأظن إنه ده الطبيعي 
هبط الصغيران الدرج بمرح يتسابقان وارتسمت على ملامحهم البهجة فأبيهما وأمهما سيصطحبانهما للخارج في نزهة عائلية خاصة بهما وهذا ما صرحت به سلمي بكلماتها الطفولية
.. أخيرا هنخرج سوا كلنا مع بعض 
همس جاسر بالقرب من أذن سالي
.. لو عاوزاني أقولها أنه جالي شغل وتخرجي أنت معاهم لوحدكم براحتك بس أنا صعبان عليا أكسر فرحتها 
هزت سالي رأسها نافية ومدت ذراعها لسلمي وقالت
.. مين هيركب معايا ومين هيركب مع بابا 
قال سليم معترضا
.. ما نركب كلنا سوا مع بابا 
شعرت سالي لكأنما تساق بمليء إراتها نحو فخ منسوج بعناية وتحت رعاية مباشرة وبتصميم موقع بلمسة من جاسر وأطفالهما ومع ذلك لم تستطيع الهرب والتملص فهي المذنبة هي من يعرض عليها رعاية وحضانة مشتركة بينهما وهي من تدفع بآخر في معادلة بقائهما لتصبح مستحيلة.
ويبدو أن المعادلات المستحيلة أصبحت تسيطر على مزيدا من العلاقات فما سمعته منذ قليل بالصدفة البحتة جعل بقائها مرتبطة بتلك الزيجة لهو أمر من رابع المستحيلات بحق فالنمر يخطو خطواته المدروسة بالفعل إذ سمعته يخطط مع أبيها تفرقة الأبناء أبنائها الصغير برعاية الجد إذ أنه شديد التعلق بأمه والتعامل معه ومع متطلبات سنه الصغير أمر فائق الصعوبة والأوسط والأكبر سنا معهما إذ يستطيع التفاهم والسيطرة على طباعهما الهادئة ومتطلباتهما البسيطة بحكم سن المراهقة هكذا بمنتهى البساطة معادلة تشملها هي وإثنان فقط من الأبناء والأخير الصغير منبوذ معادلة مستحيلة وببساطة طرحه لتلك المعادلة على مسامع الجد وموافقة الأخير عليها بالمقابل لم تجد حرجا ولا مانعا هي الأخرى بقذفه بأحط الصفات وأقذع الشتائم وهي تلقي بطوقه الذهبي بوجهه وتطرده خارج المنزل رغم أنه منزل أبيها بالأساس
تم نسخ الرابط