فارسي
المحتويات
بحرج
عن أذنك يا ست ام فارس
خرجت مهره
ووالدتها التى أغلقت الباب خلفها بهدوء وشرع فارس فى الذهاب الى غرفته ولكنه والدته استوقفته قائله
أنت متخانق مع خطيبتك ولا فى حاجه تانيه مش عاوز تقولها
أستدار اليها بنفس الابتسامة الباهته وقال
يا ماما مفيش حاجه والله ولا متخانق ولا فى حاجه كل الحكايه بس تعبان شويه ومحتاج ارتاح
أم فارس مش عادتك يعنى تعامل مهره كده ده أنت كنت بتذاكرلها فى الامتحانات كأنها فى ثانويه عامه
أتجه الى غرفته مره اخرى وهو يقول
معلش يا ماما لما أنام شويه هرتاح وابقى كويس وقبل ما اروح المكتب هصالحها ان شاء الله
لا ده فى حاجه وحاجه كبيرة كمان
أبدل ملابسه والقى بجسده المرهق على فراشه وأغمض عينيه يطلب الاسترخاء قليلا ولكن من اين تأتى الراحه فقلبه غير مستقر أبدا ...والقلب المجهد
يجهد معه البدن دائما ...لا ينفك الا فى التفكير فى حياته بعد يومين او ثلاثه عند ظهور النتيجه كيف ستكون وماذا سيحدث ان تم رفضه
يجافيه النوم دائما عند الوصول لهذه النقطة الصماء....لا يريد التفكير فيما بعدها بل لا يريد التفكير فيها ابدا
فى المساء وهو يغادر ذكرته لعمله ذكرته والدته بمهره فأومأ برأسه قائلا
ولكنه لم يكن لديه أى حماس للصعود اليها او مداعبتها كما كان يفعل فتوجه للمكتب على الفور
أنهى دبلومته التى عكف عليها والتى أهلته للتقدم للماجستير وبدأ فى جمع ما يلزمه من أوراق وكتب وخلافه للبدء فى الماجيستير ولكنه لم يكن متحمسا بالشكل المطلوب فهو لم يحلم يوما بهذه الدرجات العلميه بل كان حلمه الوحيد هو النيابه
مر شهرين
آخرين والحال هو الحال وهو يكاد يكون منفصلا عن واقعه تماما فكلما قصرت المده كلما بدأ التوتر والقلق والعصبيه الواضحه..حتى حانت اللحظه الفارقه وأستدعاه الدكتور حمدى الى حجرة مكتبه بمجرد وصوله للمكتب مساءا......
فى حاجه يا دكتور
نهض الدكتور حمدى ووقف قبالته وتنحنح قائلا
نتيجه النيابه طلعت يا فارس
ظهرت الدهشه على وجهه وقال بسرعه
ظهرت! أزاى دى المفروض بكره
قال الاستاذ حمدى بجديه انا عرفتها النهارده الصبح بس قلت لما
اشوفك بالليل ابقى ابلغك
خفق قلب فارس وزادت نبضاته بقوة وشعر پألم فى جميع أجزاء جسده ومرت الثوانى عليه ساعات
وهو ينظر فى عينيى الدكتور حمدى اللتان كانتا خاليتان من اى علامات البشرى وهو يقول
كل شىء نصيب يا فارس وان شاء الله تلاقى نفسك فحاجه تانيه
ربت الاستاذ حمدى على كتفه مشجعا داعما له وهو يقول
أنت أنجزت الدبلومه بسهوله وهتكمل الماجيستير ان شاء الله وبعديها الدكتوراه ومش هتحتاج النيابه دى خالص...انت ليك مستقبل كبير فى المحاماه وانا اصلا كنت مستخسرك فى حكاية النيابه دى ..
هوى فارس الى اقرب مقعد وهو يشعر انه يهوى من فوق سبع سموات وكأن روحه فارقت جسده وكأنه فى حلم جميل واستيقظ على واقعه المرير.... زاغت عيناه بدون هدى وهو يتصور انه هتف داخله ولكنه هتافه قد اصاب شفتاه وهو يقول
طب ليه...ليه ..انا جايب التقديرات المطلوبه وجاوبت كل الاسئله اللى اتسألتها فى المقابلات من غير ولا غلطه..يبقى ليه طيب
ليه
جلس الاستاذ حمدى بجواره وهو يشعر بالاسى لاجله وقال بشفقه
يابنى انت مش عايش فى البلد دى ولا ايه...بصراحه يا فارس انا
من الاول وانا متأكد من النتيجه حتى من غير ما تدخل الامتحانات...مفيش حد بيتعين فى المهنه دى الا اذا كان ليه واسطه جامده
يا اما عم او خال او قريب وكيل نيابه ...وكمان مش اى وكيل نيابه ده لازم يبقى وكيل نيابه مرضى عنه يابنى
ألتفت اليه فارس پحده قائلا مرضى عنه من مين
نظر اليه الاستاذ حمدى قائلا يعنى مش عارف لازم يكون مرضى عليه من مين يا فارس...اللى هيصدق على قرار تعينه طبعا....وأستدرك قائلا وانا يابنى لو كان مرضى عنى كنت اتوسطلك بس انت عارف انى طول عمري راجل دوغرى ومش تبع حد وهما عاوزين حد تباعهم ..علشان كده كانت وسطتى هتضرك مش هتنفعك
وضع فارس وجهه بين كفيه وهو غير
مصدق ما يسمع ..ها قد أنهارت أحلامه على صخرة الفساد المتفشى فى المجتمع والذى توارثناه جيلا بعد جيل حتى اصبح شىء طبيعى جدا فالعين عندما تعتاد على القبح لم تعد تراه قبيحا بل لو رأت جمالا بعده نفرت منه وأستنكرته وقبحته
بدون ارادة منه وجدت العبرات طريقها لعينيه أخيرا فزفر زفرة ساخنة يائسه وقال بصوت متحشرج
ليه يا دكتور مفهمتنيش كده من زمان
قال الاستاذ حمدى وهو يتطلع للفراغ بحزن
كان عندى أمل يابنى كان عندى أمل مكنتش عاوز
احبطك كنت فاكر ان ممكن حاجه تتغير لكن مع الاسف بالعكس ده الفساد بيزيد يوم عن يوم
ثم اردف قائلا تعرف أن أتعمل عليك تحريات فى مكان سكنك..وكام من ضمن اسباب الرفض أنك ساكن فى مكان شعبى
توقفت الدموع دفعة واحده ونظر اليه مندهشا قائلا باستنكار
طب وده يخليهم يرفضونى حتى لو كنت كفأ
أبتسم الدكتور حمدى ابتسامه
خلت من اى تعبير حتى من معنى السعاده وقال بتشاؤم
هو انت فاكر ان التعين بالكفاءه ده انت غلبان اوى...وأستدرك قائلا
يالا يابنى قوم كده وأنسى كل حاجه وابدأ حياتك من جديد وايه حلم يضيع ووراه احلام تانيه كتير يمكن تكون افضل منه ..أنتبه لرسالة الماجيستير هتلاقى نفسك نسيت كل حاجه
نهض فارس واقفا بوهن وقال بصوت بعيد ممكن أخد باقى اليوم ده اجازه يا دكتور انا مش هعرف اركز فى شغل النهارده
أومأ الاستاذ حمدى وهو يربت على كتفه بعطف قائلا
طب خلاص روح أنت أرتاح ومتشلش هم
خرج فارس من حجرة الدكتور حمدى واجما يتحاشى النظر لزملاءه فى مكتبه وهو يجمع بعض أوراقه الخاصه وهم يتابعونه بنظراتهم المتسائله ....نهضت دنيا من خلف مكتبها وأتجهت اليه وعلامات التساؤل والفضول تشع من عينيها ..اقتربت منه متسائله
مالك يا فارس ايه اللى حصل جوة عند الدكتور
هز رأسه نفيا وهو يقول مفيش حاجه يا دنيا ...
دنيا بأصرار لاء..شكلك فى حاجه
زفر بضيق وقال بعصبية بقولك مفيش..طوى أوراقه وهو يقوللما ارتاح شويه هبقى اكلمك فى التليفون ..سلام
وقفت تنظر اليه بدهشه وأتجهت لتعود لمكتبها ولكن نورا لم تنتظر أكثر من هذا
تبعته للخارج ولحقت به عند المصعد وقبل أن يستقله قائله أستنى يا أستاذ فارس
أستدار اليها بدهشة كبيرة ونظر اليها بصمت فقالت بسرعه
الدكتور قالك حاجه زعلتك
هز راسه نفيا لا يخلو من التعجب وقال متشكر على سؤالك يا استاذه محصلش حاجه انا بخير الحمد لله...وكاد
ان يفتح باب المصعد ولكنها استوقفته مرة أخرى قائلة
موضوع النيابه مش كده
كبرت دهشته ولكنها لم تغطى ألمه بعد ...فقال حانقا وهو يغادر عن أذنك
أخذ المصعد طريقه للهبوط وهو بداخله وظلت هى تتابعه ببصرها فى حيرة منه ومن أندفاعها هكذا وأخذت تلوم نفسها بشدة وهى مازالت واقفة فى مكانها فى شرود وصمت أخرجها منه صوت دنيا التى قالت بشك
هو فى ايه
ألتفتت نورا إليها
متابعة القراءة