ثلاث ذئاب وغزاله بقلم ريناد يوسف

موقع أيام نيوز


البارت الاول 1
قاعده فمكانها المفضل علي كرسي فالبلكونه بتاعة بيتها واللي عتطل على شارع رئيسي كبير.. مايله بجزعها علي السور الحديد بتاع البلكونه وعتتفرج عالناس اللي رايحه وجايه.. وتشوف البياعين المتجولين وهما عينادوا علي بضايعهم المتنوعه.. وعينها رايحه وجايه مع العربيات اللي معتتقطعش ابدا من الشارع.. كل دا عتراقبه كل يوم من ساعة مااتنقلت للمكان دا وبتحس بنفس عدم الانتماء ونفس الغربه فوسط المجتمع اللي لغاية النهاردة متعودتش عليه ولا علي وجودها فيه. 

مع أنها بقالها سنين طويله عايشه فيه وعتحاول بكافة الطرق التاقلم والانصهار فيه
لكن للاسف كل محاولاتها كانت نتايجها الفشل.. لان روحها هي اللي رافضه التأقلم.. روحها اللي لساها هناك ساكنه في المكان اللي كبرت واترعرعت فيه. 
غمضت عيونها واتبسمت براحه وحنين مع نسمة هوا هبت علي وشها فكرتها بنسايم الهوا اللي كانت عتداعب روحها هناك.. لكن طبعا مع اختلاف النقاء والروايح اللي حملاها النسايم.. واللي مختلفه كل الاختلاف.
بدأت تسافر بالذاكره وتجوب اودية الذكريات السحيقه وتطوي السنين طي. وټضرب بجناحات الحنين فضا المسافات البعيده.. وأخيرا وقفت علي حدود بلدها الحبيبه.. وشافت اشجار المانجه العاليه واشجار التين العتيقه 
وشافت روحها عتتنطط من شجره للتانيه كيف القرود وتقطف من طرحهم كل اللى تشتهيه عيونها وتطيب عليه نفسها. وتضحك من قلبها وتسرق لحظات سعادة معدوده رغم أنوف الجميع.
فضلت هناك لحد ماقلبها وعقلها وروحها استكانوا وحست براحة جميله عتسري جواها كأنها راحت رحله تهدي فيها اعصابها..لكن اللحظات الجميله دايما عمرها قصير. 
فتحت عيونها ببطئ علي صوت نفير عربية متواصل كان صاحبها عيحث اللي قدامه انه يتحرك قوام ويفتحله الطريق عاودت من رحلتها البعيده ورجعت تتامل الشارع مره تانيه وتراقب الناس اللي كيف النمل رايحين جايين شايلين قوتهم ومونة بيوتهم من غير تعب ولا كلل وتسأل حالها
ياتري كل واحد فيكم ايه نوع الهم اللي شايله فقلبه وماشي بيه واللي يشوفه من بعيد يقول عليه خالي.. ماهي من واقع خبرتها في الدنيا طول ال٥٣ سنه اللي عاشتهم فيها.. أن مفيش حد عايش علي وشها مش شايل هم ولا عنده مشاكل.. مع اختلاف النوع والحجم طبعا بس الاكيد.. أن الكل تعبان. 
واثناء ماهي ڠرقانه بفكرها وتفكيرها في الناس قطع شرودها صوت عتعشقه وتعشق سماعه.. صوات قطرات المطر وهي عتنزل من السما. 
بصت لفوق وضمت حواجبها بغرابه وهي واعيه السما اتلبدت فجأة بالغيوم.. كيف ومېته متعرفش.. مع ان في بداية قعدتها كانت فيه شمس خفيفه في المكان وبدالها ان اليوم هيكون مشمس ودافي.. لكن سبحانه مغير الاحوال.
طلعت تليفونها من جيب البالطوا بتاعها وبصت فيه وشهقت وهي شايفه الساعه بقت كام واكتشفت ان الوقت سرقها كالعادة وهي فقعدة تأملها اليوميه.
هبت من قعدتها واقفة وهي عتهمس لنفسها
والله لو ماعاودوا ولقوا الوكل جاهز لهيخلوا يومك اسود من قرن الخروب ياحزينه.. وابقي لما يسألوكي معملتيش وكل ليه قوليلهم سرقني الوكت واني قاعده في السهرايه عشان متخلصيش من لسان اصغر قرد فيهم. 
كانت عتهرول وهي عتهمس لروحها بالكلام دا موقفتش غير فنص مطبخها قدام التلاجه.. ففتحتها وطلعت منها المكونات اللازمه للطبخه اللي هتطبخها واكيد حرصت انها تكون وجبه سريعه عشان تلحق تخلصها قبل رجوع عيالها من مدارسهم اللي عيرجعوا بوشهم عالوكل زي مايكونوا معاودين من حرب ضاريه خاضوها لطلب العلم.
معدتش غير ساعه وحده وكانت واقفه قدام الاكل اللي عملته وهي راضيه تمام الرضى عنه واتنفست بارتياح بعد ماخلصت مهمتها وعاودت بعدها وهي مرتاحة البال قعدت قبال البلكونه بتاعتها مره تانيه عشان تتمتع بأكتر الاجواء حبا لقلبها.. اجواء الشتا والمطر ونسايم الهوا الباردة اللي بدات تداعب ستاير البيت 
وتزحف بهدوء وتلفلف جسمها النحيل بس كالعادة السقعه مش عتاثر غير علي اطرافها اللي عيتجمدوا طول الشتا وكأنهم مش من باقي جسمها.. ضمت اديها لبعض وبدأت تنفخ فيهم عشان تحس بشوية دفى فيهم وتحس ان فيهم حياةوبرضوا مع ذلك هتفضل عاشقه للشتا والمطر حتي لو اتجمدت من السقعه.
بعدت اديها عن وشها وبدات تفركهم ببعض عشان يتولد الدفي فيهم وفجأة وقفت اللي بتعمله وهي عتتامل الچرح العميق اللي فيدها واللي برغم إنه شفى كليا الا انه لساه سايب اثر واضح علي ايدها وجوا روحها
 

تم نسخ الرابط